في قلب صعيد عرفات الشاسع، يبرز جبل الرحمة كمركز روحي مهيب، يحمل مكانة خاصة في قلوب المسلمين. في يوم عرفة المبارك، يتوافد إليه الحجاج من كل فج عميق، ترفع أياديهم بالدعاء والتضرع، وتفيض أرواحهم بإحساس عميق بالعفو والمغفرة. وبالرغم من أن صعود الجبل ليس فرضًا من مناسك الحج، إلا أن الآلاف يقصدونه، طمعًا في لحظة استثنائية من القرب الإلهي في هذا اليوم العظيم.
موقع جبل الرحمة ومرافقه المجهزة لاستقبال الحجاج
يقع جبل الرحمة في الجزء الشرقي من مشعر عرفات، ويصل ارتفاعه إلى حوالي 300 متر عن مستوى سطح الأرض. وقد تم تجهيز المنطقة المحيطة به بساحات واسعة تستوعب أعدادًا غفيرة من الحجاج، بالإضافة إلى مظلات توفر الظل، وممرات سهلة وممهدة لتيسير حركة الزوار، وخاصة كبار السن وذوي الحالات الخاصة. وتنتشر حول الجبل نقاط إرشاد وتنظيم عديدة، وذلك بفضل الإشراف المستمر والجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات السعودية المعنية لضمان أمان وراحة الحشود.
تنظيم استثنائي وخدمات متكاملة لراحة زوار جبل الرحمة
هذا العام، شهد جبل الرحمة إقبالًا غير مسبوق من الحجاج منذ بزوغ فجر يوم عرفة، وقد توافدوا إليه حاملين معهم أعمق دعواتهم وأمنياتهم القلبية. بفضل الإجراءات التنظيمية المتقنة والمميزة، سُهّلت حركة الوصول والخروج من المنطقة بشكل كبير، مما منع أي تكدس أو تأخير. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل انتشرت في المنطقة خدمات طبية وإسعافية متكاملة، إلى جانب فرق توعية متعددة اللغات، لتقديم المساعدة الضرورية للزوار وتذكيرهم بالتعاليم الصحيحة لمناسك الحج.
جبل الرحمة: رمز خالد لخطبة الوداع وأثره في نفوس الحجاج
لا يقتصر جبل الرحمة على كونه معلمًا جغرافيًا، بل هو مرتبط بذكرى عزيزة: خطبة الوداع الخالدة التي ألقاها النبي محمد صلى الله عليه وسلم على صعيد عرفات. ولهذا، يظل الجبل رمزًا خالدًا للرحمة، والمساواة، والتقوى. بعد قضاء وقتهم هناك، يغادر الحجاج المكان وقد غمرت أرواحهم السكينة والطمأنينة، ليصبحوا مستعدين تمامًا لرحلة النفرة إلى المزدلفة، ومن ثم استكمال باقي مناسك الحج في أيام التشريق.