ليست وهمًا بعد الآن.. المخدرات الرقمية: حقيقتها وتأثيرها على المراهقين

أثارت ظاهرة “المخدرات الرقمية” جدلاً واسعاً في الآونة الأخيرة، مدعومة بادعاءات تروج لها كبديل آمن وقانوني للمخدرات التقليدية. تعتمد هذه الظاهرة على مقاطع صوتية بترددات معينة يُزعم أنها قادرة على إحداث حالات من النشوة أو الاسترخاء أو حتى الهلوسة لدى المستمعين عبر سماعات الرأس، ما جذب انتباه العديد من المراهقين لتجربتها عبر المنصات الرقمية المختلفة.

ما هي المخدرات الرقمية وهل لها تأثير فعلي؟

تُعرف المخدرات الرقمية بأنها مقاطع صوتية مصممة بتقنية “النبضات ثنائية الأذن” (Binaural Beats). تقوم هذه التقنية بتشغيل تردد صوتي مختلف في كل أذن، مما يخلق فرقاً في الترددات يُعتقد أنه قد يؤثر على نشاط الدماغ. ومع ذلك، لم تثبت أي دراسات علمية موثوقة حتى الآن أن لهذه المقاطع تأثيرات بيولوجية أو كيميائية حقيقية تشبه تأثيرات المواد المخدرة التقليدية. يميل الخبراء إلى تفسير ما يشعر به المستمعون على أنه نتاج الإيحاء الذاتي والتهيئة النفسية أكثر من كونه نتيجة علمية مثبتة، أي أن الأمر برمته أقرب إلى تأثير وهمي نفسي.

اقرأ أيضًا: ظهور نادر يستمر 5 ساعات و29 دقيقة.. مصر على موعد مع خسوف كلي للقمر الأحد المقبل

المخاطر النفسية والاجتماعية للمخدرات الرقمية

يرى الأطباء النفسيون أن الخطر الحقيقي للمخدرات الرقمية لا يكمن في تأثيرها الطبي المباشر، بل في أبعادها النفسية والاجتماعية العميقة. يدخل المراهقون هذه التجربة وهم مقتنعون مسبقاً بالشائعات المنتشرة حول فعالية هذه المقاطع، مما يجعلهم يشعرون بنشوة وهمية. هذا الإيحاء القوي يمكن أن يكون بوابة خطيرة تدفع بعض المراهقين لاحقاً للبحث عن تجارب أقوى وأكثر واقعية، مثل تعاطي المخدرات الحقيقية. لذا، تُعد هذه الظاهرة تهديداً تربوياً واجتماعياً يستوجب الانتباه إليه، حتى وإن لم تكن خطراً طبياً مباشراً بذاتها.

أسباب انتشار المخدرات الرقمية بين الشباب

يعود انتشار ظاهرة المخدرات الرقمية بشكل كبير إلى آليات عمل خوارزميات المنصات الرقمية مثل تيك توك ويوتيوب. هذه المنصات غالباً ما تدفع المحتوى المثير للجدل أو الغريب إلى واجهة المحتوى الأكثر تداولاً، بسبب قدرته على جذب نسب مشاهدة عالية وتفاعل كبير. كما يلعب الفضول البشري دوراً أساسياً، فكثير من المراهقين يسعون لتجربة هذه المقاطع بدافع الفضول المحض، حتى لو لم يكونوا مقتنعين بفعاليتها. ومع ضعف التوعية الرقمية وغياب الرقابة الأسرية الفعالة، يصبح المراهقون أكثر عرضة لتصديق والانسياق وراء مثل هذه الظواهر المنتشرة على الإنترنت.

اقرأ أيضًا: لقاء قمة مرتقب.. ترامب يعلن اجتماعًا مع روسيا قبل انتهاء “مهلة الحرب”

على الرغم من أن المخدرات الرقمية تبدو حالياً مجرد وهم نفسي أكثر من كونها خطراً طبياً مؤكداً، إلا أن تجاهلها أو التعامل معها باستخفاف قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. إنها تفتح الباب أمام المراهقين للبحث عن تجارب أكثر ضرراً وواقعية في عالم الإدمان الحقيقي. لذا، تظل التوعية الشاملة بالمخاطر المحتملة، وتعزيز دور الرقابة الأسرية الواعية، وتوضيح الحقائق العلمية للشباب، هي أفضل السبل لحمايتهم من الانسياق وراء هذه الظواهر المثيرة للجدل والوهمية.

اقرأ أيضًا: هام.. موعد بدء الدراسة في مصر 2025