رسميًا.. دار الإفتاء تفصل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

يحتفل المسلمون كل عام في شهر ربيع الأول بذكرى المولد النبوي الشريف، معبرين عن عظيم فرحتهم بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتزازهم بيوم مولده المبارك. هذا الاحتفال، الذي يتضمن الاجتماع على ذكر الله ومدائح نبوية وتقديم الطعام، يُعد شكراً لله تعالى على نعمة إرسال النبي الكريم رحمة للعالمين، وهو أمر مشروع ومحبذ شرعاً.

جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والأدلة الشرعية

يؤكد العلماء أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يرتكز على أصل ثابت في الشريعة الإسلامية، وهو شكر الله على نعمة ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ورد عن الرسول نفسه أنه كان يصوم يوم الاثنين قائلاً: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه»، وهذا يدل على شكره لله تعالى على هذه المنّة العظيمة. فالتأسي به في شكر الله على نعمة وجوده صلى الله عليه وسلم يكون بأي عمل من أعمال الشكر مثل إطعام الطعام، ومدح النبي، والاجتماع لذكره، والصيام، وغيرها من الطاعات.

اقرأ أيضًا: رسميًا لراحة المواطنين.. قرار حاسم من تنظيم الاتصالات بخصوص مكالمات التسويق العقاري غير المرخصة

كما أن الاحتفال بمولد النبي يندرج تحت تطبيق أمر الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]. ومن أيام الله التي تستحق الذكر والاحتفال، أيام نصر أنبيائه وأوليائه، وأيام ميلادهم، وأعظم هذه الأيام هو يوم مولد سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم. وقد شرف الله تعالى أيام ميلاد الأنبياء عليهم السلام، فجعلها أيام خير وسلام كما ورد في القرآن عن سيدنا يحيى وسيدنا عيسى عليهما السلام. فإذا كان يوم الجمعة يومًا مباركًا لأنه اليوم الذي خُلق فيه آدم عليه السلام، فإن يوم مولد خير الأنبياء والمرسلين أولى بالبركة والاحتفال.

يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أعظم فضل ومنة من الله على البشرية جمعاء، ولذلك فإن الفرح بمولده وفضله هو فرح بفضل الله ورحمته التي أمرنا الله بالفرح بها في قوله: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58]. وقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما “الرحمة” في هذه الآية بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].

اقرأ أيضًا: من أي مكان في العالم.. احجز رحلتك للعمرة بسهولة عبر خدمة “نسك عمرة”

حتى الفرح بمولد النبي الشريف له آثار عظيمة، وقد ورد في صحيح البخاري قصة أبي لهب الذي خفف عنه العذاب في النار كل يوم اثنين بسبب فرحه بإعتاق جاريته ثويبة عندما بشرته بمولد النبي صلى الله عليه وسلم. وقد علق الإمام الصالحي على هذه القصة بقوله: “إذا كان الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار لفرحه ليلة مولد محمد صلى الله عليه وسلم، فما حال المسلم الموحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ببشرته بمولده وبذل ما يصل إلى محبته؟ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنة النعيم”.

وإذا كان الاحتفال بيوم نجاة سيدنا نوح عليه السلام ويوم نصر سيدنا موسى عليه السلام مشروعًا كما ورد في قصة صيام يوم عاشوراء، فإن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو سبب كل نعمة في الدنيا والآخرة أَوْلى بالمشروعية والجواز.

اقرأ أيضًا: مأساة في عالم السباقات.. مصرع هيثم سمير بطل السيارات المصري إثر إصابته بطلق ناري

الطاعات المستحبة في احتفالات المولد النبوي

أجمع علماء المسلمين عبر القرون على جواز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وذلك بمختلف أنواع الطاعات والعبادات التي تعبر عن الفرح والتقدير لمكانة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أكد الحافظ السخاوي في “الأجوبة المرضية” أن المسلمين في كل الأقطار والمدن يقيمون الولائم ويتصدقون في ليالي المولد بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويعملون الخيرات، ويتلون المولد النبوي، ويحصلون بذلك على فضل عميم وبركات عظيمة. وهذا ما أيده أيضًا الحافظ القسطلاني والعلامة الديار بكري وغيرهما من كبار العلماء.

تتضمن هذه الاحتفالات العديد من الطاعات المستحبة شرعًا، والتي تدل عليها عمومات النصوص الشرعية، ومن أبرزها:
* تلاوة القرآن الكريم.
* سماع شيء من سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وقصص مولده ومعجزاته.
* مدح النبي والإنشاد في حبه.
* الابتهالات والصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم.
* تقديم الصدقات وإطعام الطعام.
* الاجتماع لذكر الله تعالى.

اقرأ أيضًا: إجابة غير متوقعة.. كيف كشف القرآن الكريم عن حل امتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024؟

كل هذه الأعمال مستحبة وتزيد المسلم قربًا من ربه ونبيه. فالله تعالى يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ۝ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41-42]. وقد ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه. كما أمرنا الله تعالى بالصلاة والتسليم على نبيه: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]. وهذه النصوص وغيرها تؤكد استحباب ذكر الله والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحال، والاحتفال بمولده الشريف هو مظهر من مظاهر هذا الذكر المحبب والطاعة المشروعة.

اقرأ أيضًا: لتوفير وقتك ومجهودك.. إليك مواعيد قطار تالجو اليوم الخميس 21-8-2025 | دليلك لأسرع رحلات السكة الحديد في مصر