ما لا يُقال رسميًا.. الدخول المدرسي 2025 يكشف فجوة بين التصريحات والواقع الاجتماعي

انطلق الموسم الدراسي الجديد بالمغرب هذا الشهر وسط تحديات كبيرة، حيث تشهد المؤسسات التعليمية نقصاً حاداً في التجهيزات، وتصاعداً في احتجاجات الأطر التربوية، ما يهدد استقرار العملية التعليمية من بدايتها، على الرغم من الوعود الرسمية بإصلاحات طموحة. هذا الواقع المتأزم يثير تساؤلات جدية حول مدى قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه قطاع حيوي كقطاع التعليم العمومي.

تحديات الدخول المدرسي: احتجاجات ونقص في التجهيزات

بينما أعلنت وزارة التربية الوطنية عن انطلاق الدخول المدرسي هذا العام وفق جدول زمني محدد، من 2 إلى 4 شتنبر للتلاميذ، وفاتح الشهر للأطر، فإن الصورة الرسمية لا تعكس الواقع الميداني بالكامل. فالعديد من المؤسسات التعليمية، خاصة في المناطق القروية، لا تزال تعاني من نقص مزمن في التجهيزات الأساسية، إضافة إلى مشكلة الاكتظاظ في الأقسام والخصاص في الموارد البشرية. وفي تطور لافت، أعلنت الأطر التربوية والإدارية عن برنامج احتجاجي يستمر لعشرين يوماً، ما يلقي بظلاله على بداية الموسم الدراسي ويهدد بانطلاق مضطرب يؤثر سلباً على جودة التعليم.

اقرأ أيضًا:

رسميًا.. موعد الدخول المدرسي 2025 الجزائر | رزنامة العطل والاختبارات الفصلية للعام الدراسي الجديد من وزارة التربية

مشاريع إصلاح التعليم: طموح كبير وتمويل مجهول

في ظل هذه التحديات، تروج الحكومة لمجموعة من الإصلاحات التعليمية “الطموحة” ضمن مذكرة التوجهات العامة لمشروع قانون المالية 2026. أبرز هذه المشاريع هي تعميم مدارس الريادة التي تستهدف ملايين التلاميذ مع توفير التجهيز الرقمي وتأهيل الأطر، وتوسيع مدارس الفرصة الثانية لإعادة إدماج الشباب المنقطعين عن الدراسة، بالإضافة إلى تعميم التكوين بالتناوب ليستفيد منه آلاف المتدربين سنوياً. ورغم أن هذه المشاريع تهدف إلى ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق الشغل، إلا أنها تظل معلقة بميزانيات لم يتم تحديدها بعد، وبقدرة المؤسسات التعليمية التي تعاني أصلاً من ضعف التنسيق على تنفيذها بفعالية.

الفجوة الرقمية والتعليمية: تحديات تطبيق الإصلاحات

تثير الوعود بتجهيز آلاف الأقسام بالوسائل الرقمية تساؤلات حاسمة حول كيفية تحقيق هذا الهدف على أرض الواقع، خصوصاً في ظل الفوارق الكبيرة بين المدرسة القروية ونظيرتها الحضرية. هناك مخاوف حقيقية من أن تتركز هذه البرامج المبتكرة في المدن الكبرى، مما سيزيد من اتساع الفجوة التعليمية بين المناطق النائية والمراكز الحضرية. فدون إجابات عملية وخطط تمويل واضحة لتغطية جميع المناطق، قد تتحول هذه الإصلاحات إلى مجرد شعارات سياسية لا تمس حياة التلاميذ والأسر بشكل ملموس، ما يهدد بضعف الثقة في منظومة التعليم ككل.

اقرأ أيضًا: ثبات الريال السعودي.. سعر الصرف في بداية تعاملات اليوم 11 أغسطس 2025

الأزمة التعليمية: مرآة لاختلالات مجتمعية أوسع

لا يمكن فصل الأزمة التعليمية الراهنة عن السياق العام الذي يعيشه المغرب. فالاحتجاجات المتكررة أمام المستشفيات بسبب سوء الخدمات، ومعاناة الدواوير من نقص المياه، وارتفاع العجز التجاري، بالإضافة إلى تقارير الفساد السياسي في التزكيات الانتخابية، كلها مؤشرات تدل على اختلالات بنيوية أوسع في مختلف الخدمات الأساسية. هذا المشهد الكلي يوضح أن التعليم ليس استثناءً، بل هو مرآة تعكس هذه المشاكل، مما يضعف ثقة المواطنين في الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن الإصلاح الشامل.

سبل تحقيق إصلاح تعليمي مستدام وفعال

لتحقيق إصلاح تعليمي حقيقي ومستدام، يمكن استلهام حلول عملية من التجارب الدولية الناجحة. تتضمن هذه الحلول خطوات جوهرية تضمن تحسين جودة التعليم العمومي، ومن أبرزها:

اقرأ أيضًا: رسميًا.. رسوم العمرة الجديدة في السعودية: كم المبلغ المطلوب؟

  • تعزيز اللامركزية التعليمية ومنح الأكاديميات الجهوية صلاحيات أوسع لاتخاذ القرارات المحلية التي تراعي خصوصيات كل منطقة.
  • الدفع نحو شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص من خلال نموذج تمويل هجين يجمع بين الدعم الحكومي ومساهمات الشركات، مع ضمان معايير صارمة للحفاظ على جودة التعليم.
  • تطوير البنية التحتية الرقمية عبر إنشاء منصة وطنية موحدة للموارد التعليمية وتوفير الأجهزة والاتصال بالإنترنت للمؤسسات في المناطق النائية.
  • التكوين المستمر للمدرسين مع التركيز على المهارات الرقمية والطرائق البيداغوجية الحديثة، لتمكينهم من مواكبة التطورات.
  • تشجيع المدارس على تطوير مشاريع تربوية مرتبطة باحتياجات محيطها المحلي، بما يعزز الاندماج المجتمعي ويساهم في التنمية.

من الوعود إلى الواقع: متى نرى نتائج الإصلاح في الفصول؟

يواجه الدخول المدرسي لهذه السنة مفترق طرق حاسماً بين الوعود بتحويل المدرسة إلى جسر نحو التشغيل المستقر، وواقع يومي يتسم بالاحتجاجات والخصاص والتفاوتات. لم يعد المواطنون يقتنعون بالشعارات ولا بالبيانات الصحفية، بل ينتظرون نتائج ملموسة داخل الفصول الدراسية. هنا يكمن الامتحان الحقيقي لمصداقية الحكومة ومدى قدرتها على جعل التعليم أداة للعدالة الاجتماعية وفرصة حقيقية للجميع، بدلاً من أن يكون مجرد ورقة في بازار الخطاب السياسي المتجدد كل عام.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. أسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية (الوجبة السابعة) 2025 في العراق عبر منصة مظلتي