رسميًا.. سياسة جديدة: حاكم مصرف سوريا المركزي يوضح التوجه نحو «التعويم المدار» وأسباب القرار
يؤكد الدكتور عبد القادر حصري، حاكم مصرف سوريا المركزي، أن المصرف يعمل منذ أكثر من ثلاثة أشهر على خطة متكاملة لتبديل العملة السورية. ويشدد حصري على أن هذه العملية ليست مجرد خطوة مالية، بل هي إجراء استراتيجي واقتصادي وسياسي في آن واحد، يهدف إلى استعادة الثقة بالليرة السورية وتبسيط المعاملات النقدية، مشيرًا إلى أن العملة الحالية لم تعد تلبي الاحتياجات اليومية بسبب تدهور حالتها وصعوبة استخدامها.
يقول حصري في حواره مع “الشرق بلومبرج” إن المصرف لا يتعامل بالتنجيم أو التفاؤل غير المبني على خطط واضحة، وإنما يعمل بخطاب إعلامي مهني وشفاف يحترم الجمهور، ولا يعلن عن أي موعد قبل التأكد الكامل من الجاهزية الفنية والاقتصادية والاجتماعية. وأوضح أن اللجان الفنية والاستراتيجية التي شُكلت منذ الربيع الماضي تعمل يوميًا على وضع كافة السيناريوهات الممكنة لعملية الاستبدال، مؤكدًا أن الأمر يتعلق بأشهر وليس بسنوات.
أهداف استبدال الليرة السورية الجديدة ومزاياها
أشار حاكم المصرف المركزي إلى أن تبديل العملة يحقق عدة أهداف متوازية تخدم استقرار الاقتصاد السوري، منها:
- مكافحة التزوير وضبط الكتلة النقدية المتداولة.
- تبسيط عمليات الدفع والمحاسبة اليومية على المواطنين والتجار.
- تخفيف التكلفة المرتفعة لطباعة الأوراق النقدية ذات الأصفار المتعددة.
كما اعتبر أن العملة الجديدة ستكون رمزًا لبداية سياسية واقتصادية جديدة بعد تاريخ 8 ديسمبر 2024، الذي وصفه بـ “تاريخ التحرر السياسي الهام”.
التحضيرات الفنية واللوجستية لتبديل العملة
فيما يتعلق بالتحضيرات التقنية اللازمة لإطلاق الليرة السورية الجديدة، أوضح حصري أن مصرف سوريا المركزي يعمل على تحديث شامل للبنية التحتية المصرفية. وتشمل هذه التحضيرات:
- تحديث أنظمة الدفع الإلكتروني.
- تطوير أجهزة الصراف الآلي (ATM) لتتوافق مع العملة الجديدة.
- تجهيز ماكينات عدّ النقد ومراكز الكاش سنتر.
كما يجري التنسيق مع المصارف العامة والخاصة لحصر عدد الفروع ونقاط البيع والقدرة الاستيعابية لكل منها، إضافة إلى دراسة المتطلبات القانونية والإجرائية اللازمة لإنجاح هذه العملية الوطنية الكبيرة.
سياسة سعر الصرف الجديدة ومكافحة التضخم
أكد حصري أن المصرف يتجه إلى سياسة “التعويم المدار” فيما يخص سعر صرف الليرة السورية الجديدة. وبموجب هذه السياسة، يترك للسوق مهمة تحديد السعر وفقًا لآليات العرض والطلب، على أن يتدخل المصرف لضبط أي محاولات للمضاربة غير المشروعة. وشدد على أن المصرف لا يستطيع ربط العملة السورية بعملة أخرى في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، لكنه يعمل على أن يعكس سعر الصرف حقيقة الإنتاج والاستثمار في الاقتصاد السوري، مؤكدًا أنه عندما يثق المواطن بعملته، يصبح سعر الصرف مسألة ثانوية.
وشدد حاكم مصرف سوريا المركزي على أن الانضباط المالي يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة التضخم المتصاعد، موضحًا أن المصرف لن يطبع أي كميات إضافية من العملة “على المكشوف”، وإنما سيقتصر الأمر على استبدال الكتلة النقدية الحالية دون زيادتها. وأكد وجود تنسيق وثيق مع وزارة المالية وبقية الوزارات المعنية لضمان نجاح هذه العملية الحيوية.
يختتم الدكتور عبد القادر حصري حديثه بالقول إن الليرة السورية الجديدة ليست مجرد ورقة نقدية، بل هي أداة لاستعادة الثقة بالاقتصاد الوطني ورمز لتحرر مالي يواكب التحرر السياسي. ويشدد على أن الهدف الأساسي لمصرف سوريا المركزي هو أن تكون هذه العملة الجديدة بداية قصة نجاح لسوريا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.