قرار جديد.. وقف ضمان المتقاعدين فوق الثمانين في الأردن يثير موجة من الجدل
أثار قرار مؤسسة الضمان الاجتماعي الأردني بوقف الرواتب التقاعدية للمتقاعدين الذين تجاوزوا الثمانين عامًا، واشتراطه تقديم شهادة “تفقد حياة”، جدلاً واسعًا في الشارع الأردني. يأتي هذا الإجراء، الذي يهدف إلى حماية أموال المشتركين وضمان وصولها للمستحقين، وسط مطالبات متزايدة بتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وتقديم تسهيلات أكبر لكبار السن، ما يثير تساؤلات حول آثاره المعيشية والإنسانية.
خبراء يوضحون: اعتراضات على قرار وقف رواتب المتقاعدين
انتقد الخبير في شؤون التأمينات والضمان الاجتماعي، موسى الصبيحي، قرار وقف الرواتب التقاعدية لمن تجاوزوا الثمانين عامًا، واصفًا إياه بأنه “إجراء غير لائق وغير قانوني”. وأكد الصبيحي، في تصريحات صحفية، أن هذا القرار يتعارض مع الأهداف الأساسية التي أُنشئت من أجلها مؤسسة الضمان الاجتماعي لرعاية المشتركين والمتقاعدين. ودعا إلى ضرورة إيجاد حلول عملية تضمن استمرارية صرف الرواتب، خصوصًا لكبار السن، وإعادة النظر في شروط منح السلف المالية لتشمل المتقاعدين فوق السبعين عامًا، لضمان حقوق المتقاعدين في الأردن.
وأوضح الصبيحي أن واجب المؤسسة يتجلى في تقديم التسهيلات وسبل الراحة للمتقاعدين كلما تقدموا في السن، وليس فرض المزيد من العراقيل عليهم. وأشار إلى تواصل عشرات الأردنيين المقيمين في الخارج، سواء من المتقاعدين أو الورثة، للاستفسار عن تداعيات قرار وقف الرواتب التقاعدية. واقترح آليات للتحقق من حياة المتقاعدين بشكل أكثر فعالية، مثل الربط الإلكتروني مع دائرة الأحوال المدنية للأردنيين داخل المملكة، وتطبيق آليات رقابية مناسبة للأردنيين في الخارج أو غير الأردنيين.
وشدد الخبير على أن استثمار أموال الضمان الاجتماعي يمثل مسؤولية وطنية كبرى، يجب أن تقوم على أسس متينة تضمن مردودًا مستدامًا يعزز الاستقرار المالي والاجتماعي للنظام التأميني، مؤكدًا حق المواطنين والمتقاعدين في الحصول على إجابات واضحة وشفافة حول كيفية إدارة هذه الأموال.
مؤسسة الضمان الاجتماعي تبرر قرارها: حماية أموال المشتركين
من جهته، دافع الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي، شامان المجالي، عن قرار وقف صرف بعض الرواتب وزيادات الإعالة والأنصبة. وأوضح المجالي أن هذا الإجراء جاء استنادًا إلى بيانات الربط الإلكتروني مع إدارة الإقامة والحدود، والتي كشفت عن وجود متقاعدين وورثة يقيمون خارج البلاد لمدة تجاوزت اثني عشر شهرًا.
وأشار المجالي إلى أن المطلوب من هذه الفئة هو تقديم وثيقة “تفقد حياة” مختومة من السفارة الأردنية في بلد الإقامة، أو إجراء مكالمة فيديو في حال تعذر ذلك، لضمان استمرارية صرف الرواتب. مؤكدًا أن الهدف الأساسي من القرار هو “المحافظة على أموال المشتركين” وحماية المستفيدين من تراكم المطالبات المالية أو الغرامات عليهم، وذلك لمنع التحايل على أموال الضمان الاجتماعي.
وفيما يتعلق بتطبيق القرار داخل الأردن، أكد المجالي أن المؤسسة أوقفت بالفعل عددًا من الرواتب بعد تبين غياب أصحابها عن مراجعة الفروع لفترات طويلة. موضحًا أن بعض هؤلاء المتقاعدين، الذين تجاوز بعضهم التسعين عامًا، ربما وافتهم المنية دون إبلاغ المؤسسة من قبل ورثتهم. وللتخفيف على كبار السن وذويهم، اقترح المجالي إمكانية مراجعة أبناء المتقاعد أو ذويه للفروع، أو طلب زيارة منزلية من موظفي الضمان للتحقق من أوضاعهم، في إطار إجراءات الضمان للمتقاعدين.
معاناة المتقاعدين: تداعيات القرار على كبار السن وتوصيات الصندوق الدولي
بعيدًا عن الجدل الإداري والقانوني، يكشف القرار عن معاناة إنسانية حقيقية. فقد أعرب متقاعد تجاوز الثمانين عامًا، فضل عدم الكشف عن اسمه، عن صدمته بعد وقف راتبه التقاعدي، الذي يمثل مصدر دخله الوحيد لشراء الدواء والغذاء. وأوضح أن مراجعة فروع المؤسسة أو استخراج شهادة “تفقد حياة” يمثل مشقة كبيرة عليه بسبب وضعه الصحي وتقدمه في السن. مؤكدًا أن المتقاعدين في مثل عمره يحتاجون إلى رعاية وتسهيلات، لا إلى إجراءات مرهقة تحرمهم من مصدر رزقهم الوحيد، ما يؤثر على حياة كبار السن المتقاعدين.
وأبدى الرجل الثمانيني خيبة أمله من قرار مؤسسة الضمان الاجتماعي، مشيرًا إلى أنه لم يتوقع أبدًا أن يأتي يوم يقطع فيه راتبه بقرار إداري، خاصة مع عدم قدرته على متابعة الإجراءات الإدارية المطلوبة أو التعامل مع التطبيق الخاص بالمؤسسة عبر الهاتف المحمول.
في سياق متصل، أكد صندوق النقد الدولي على الحاجة الملحة لإصلاح هيكلي لقانون الضمان الاجتماعي في الأردن لضمان استدامته المالية على المدى البعيد. وذلك في ظل الضغوط الديموغرافية المتوقعة، وعلى رأسها ارتفاع نسبة الشيخوخة في العقود المقبلة، مما يستدعي إصلاح الضمان الاجتماعي في الأردن. وأشار تقرير الصندوق إلى أن مؤسسة الضمان الاجتماعي تواصل تحقيق فوائض مالية صافية، باستثناء عوائد الفائدة من الحكومة. وأوصى الصندوق بضرورة مواصلة إشراك المجتمع في حوار وطني شامل حول إصلاحات الضمان الاجتماعي، وضمان تنفيذها بشكل تدريجي وعادل يراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحساسة في المملكة لضمان استدامة النظام التأميني الأردني.