جدل جديد بعد قصة هند.. الطلاق الغيابي: حقيقة حكم الدين والقانون فيه

مسلسل “ما تراه ليس كما يبدو” يحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، خاصة حكاية “هند” التي تصدرت قائمة المشاهدات على منصة Watch it. أثارت القصة، المستوحاة من واقع مؤلفتها هند عبد الله، جدلاً واسعًا بتناولها الصادم لقضية الطلاق الغيابي وتداعياتها النفسية والدينية والقانونية على الزوجة، ما جعلها حديث السوشيال ميديا.

قصة “هند” الدرامية التي مست القلوب

تدور أحداث حكاية هند حول شابة تجد نفسها مطلقة فجأة دون علمها، بعد أن اتخذ زوجها قرار الطلاق غيابيًا دون إخبارها، لتكتشف أن حياتها الزوجية قد انتهت رسميًا بينما كانت تظن أنها لا تزال زوجته. هذا الموقف القاسي يضع البطلة في صراع داخلي كبير ومعركة حقيقية مع المجتمع والعائلة والقانون. جسدت الفنانة ليلى أحمد زاهر هذا الدور ببراعة كبيرة، مدعومة بأداء مميز من باقي أبطال العمل مثل حازم إيهاب، حنان سليمان، هاجر الشرنوبي، مؤمن نور، ياسمين رحمي، وعزوز عادل. الحكاية من إخراج خالد سعيد وإنتاج كريم أبو ذكري بالتعاون مع المتحدة للخدمات الإعلامية، وقد ضاعف كونها مستوحاة من واقع حقيقي تفاعل الجمهور معها.

الطلاق الغيابي في الشريعة الإسلامية.. حكمه وتأثيره

في سياق متصل، أوضح الشيخ محمد عطا الأزهري، في تصريحات خاصة لـ”مانشيت”، أن الطلاق الغيابي يقع شرعًا حتى لو لم تعلم به الزوجة. لكنه أشار إلى أنه من “الأفعال المكروهة والمحظورة شرعًا” إذا لم يكن له سبب معتبر. وأضاف أن هذا النوع من الطلاق، رغم صحته شرعيًا، يسبب ضررًا نفسيًا كبيرًا للزوجة، وأن استمرار الزوج في العيش مع زوجته بعد الطلاق دون إخبارها يمثل خلوة محرمة ويترتب عليه إثم واضح.

وأكد الشيخ محمد عطا الأزهري أن للزوجة حقوقًا شرعية كاملة بعد الطلاق الغيابي، وهي:

• النفقة.
• العدة.
• المتعة.

وشدد على أن الشرع ينصح بضرورة الإشهاد على الطلاق والإعلان به، حماية للمرأة من الظلم، وحتى لا تُترك في علاقة منتهية دون علمها. كما نبه إلى أن بعض الأزواج يظنون أنهم قادرون على الرجوع للزوجة في أي وقت بمجرد الطلاق الرجعي، لكن الشرع يلزمهم إعلامها، لأن عدم الإخبار لا يبرئ ذمة الزوج أمام الله.

القانون المصري وحقوق الزوجة في حالة الطلاق الغيابي

من الناحية القانونية، أوضح الدكتور أحمد عصام، أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لـ”مانشيت”، أن الطلاق الغيابي صحيح أمام القانون المصري، لكنه يشترط توثيقه رسميًا. وأكد أن الزوج ملزم قانونيًا بإعلان الزوجة بالطلاق عبر المأذون الشرعي أو إخطار رسمي. إذا لم يعلم الزوجة بالطلاق، فلا تقع عليها أي مسؤولية قانونية أو شرعية.

وبيّن الدكتور أحمد عصام أن للزوجة المطلقة غيابيًا كامل حقوقها المالية والقانونية، وهي:

• نفقة العدة.
• نفقة المتعة.
• مؤخر الصداق.
• حقها في السكنى خلال فترة العدة.

كما أشار إلى أن استمرار الزوج في العيش مع زوجته المطلقة دون إخبارها يعد نوعًا من الاحتيال، ويمكن للزوجة في هذه الحالة رفع دعوى جنائية ضده بتهمة خداعها. وأكد أن القانون يحمي الزوجة من الضرر، ويمنحها الحق في مقاضاة الزوج لتعويضها عن الأضرار النفسية والمادية التي قد تلحق بها. واختتم عصام حديثه بالإشارة إلى أن المشكلة الكبرى ليست في وقوع الطلاق نفسه، بل في إخفائه عن الزوجة، لأن ذلك يعطل حقوقها ويجعلها عرضة لظلم اجتماعي وقانوني.

صدى “حكاية هند” وتفاعل الجمهور مع قضايا الطلاق

بعد عرض أولى حلقات حكاية هند، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات التي عبرت عن التعاطف الشديد مع بطلة المسلسل، وفي المقابل، أظهرت غضبًا واسعًا من تصرف الزوج. اعتبر العديد من المشاهدين أن هذا المسلسل يعكس معاناة الكثير من النساء اللاتي يواجهن الطلاق الغيابي في صمت، بينما طالب آخرون بضرورة تعديل القوانين الحالية لردع الأزواج عن اتخاذ هذه الخطوة من دون توثيق وإعلان رسمي للزوجة، وذلك بهدف حماية حقوق المرأة وكرامتها.

بين الشرع والقانون: معاناة المرأة المطلقة غيابياً

القضية التي أثارتها حكاية هند لم تعد مجرد مادة درامية للتسلية، بل تحولت إلى نقاش عام ومهم حول وضع المرأة المطلقة غيابيًا في مجتمعاتنا. فالشرع، كما أكد الشيخ محمد عطا الأزهري، يعتبر الطلاق صحيحًا لكنه مكروه إذا لم يكن لسبب معتبر، بينما القانون، كما أوضح الدكتور أحمد عصام، يمنح الزوجة حقوقها كاملة لكنه يشترط التوثيق والإعلان الرسمي. هذا التباين بين الرؤيتين الشرعية والقانونية يسلط الضوء بوضوح على مأساة بطلات مثل هند، اللواتي يجدن أنفسهن فجأة مطلقات من دون علم أو إشعار مسبق، لتبدأ معهن رحلة صراع طويلة ومعقدة لاستعادة حقوقهن الشرعية والقانونية.