في شهادة تاريخية.. مسؤول بهواوي يكشف كيف قهرت الشركة تحديات الحصار الأمريكي وبنت إمبراطورية تكنولوجية مستقلة من الصفر

نجحت شركة هواوي في تجاوز العقوبات الأمريكية القاسية التي كادت أن تقضي على وجودها، وذلك بفضل استراتيجية طموحة تهدف إلى بناء نظام بيئي تكنولوجي مستقل بالكامل عن الولايات المتحدة. هذه الملحمة من الصمود والابتكار قادت الشركة الصينية العملاقة لإعادة تعريف مسارها، بدءاً من تطوير أنظمة تشغيل خاصة بها وصولاً إلى تصنيع معالجات متطورة بقدراتها الذاتية. لقد تحولت المحنة إلى فرصة للاكتفاء الذاتي والتفوق.

الحصار التكنولوجي: ضربات متتالية على هواوي

بدأت معركة هواوي مع العقوبات الأمريكية في عام 2019، عندما أدرجت واشنطن الشركة على “قائمة الكيانات”، مما أدى إلى عزلها عن سلاسل التوريد الأمريكية الحيوية. كانت هذه الخطوة بمثابة ضربة قاصمة، حيث حرمت هواوي من الوصول إلى تقنيات أساسية مثل خدمات جوجل للهواتف الذكية وشرائح المعالجات المتقدمة. في ذلك الوقت، توقع الكثيرون نهاية وشيكة لعملاق التكنولوجيا الصيني، الذي كان في أوج تألقه.

اقرأ أيضًا: انتقادات أوروبية حادة.. مجلس الأمن يناقش قرار إسرائيل بشأن غزة

تجلت الضربة الأولى في حرمان هواوي من استخدام النسخة المرخصة من نظام أندرويد، الأمر الذي يعني فقدان متجر “جوجل بلاي” وتطبيقات جوجل الأساسية التي يعتمد عليها الملايين من المستخدمين حول العالم. ثم جاءت الضربة الأكثر إيلامًا في عام 2020، عندما عدلت وزارة التجارة الأمريكية قاعدة “المنتج الأجنبي المباشر”، والتي قطعت فعليًا وصول هواوي إلى أي شرائح إلكترونية متطورة يتم تصنيعها باستخدام معدات أمريكية، بغض النظر عن مكان تصنيعها. كان التأثير فوريًا ودراماتيكيًا، فالشركة التي تربعت على عرش شحنات الهواتف الذكية عالميًا في الربع الثاني من عام 2020، متفوقة على آبل وسامسونج، بدأت في التراجع بشكل حاد.

استراتيجية هواوي للاكتفاء الذاتي: من نظام التشغيل إلى المعالج

أمام هذا الواقع الجديد، كان على هواوي أن تختار بين الاستسلام أو إعادة بناء نفسها من الصفر. وكما أكد تاو جينغ ون، رئيس قسم الجودة في الشركة، اختارت هواوي الطريق الثاني. بدأت رحلة “بناء الإمبراطورية المستقلة” هذه بخطوتين رئيسيتين:

اقرأ أيضًا: الكشف عن مفاجأة.. هدير عبد الرازق: بعد 11 صورة بإطلالات مثيرة، فيديو جديد يشعل التكهنات.

  • نظام التشغيل البديل: كانت الخطوة الأولى إنشاء نظام تشغيل خاص بها، وهو “هارموني أو إس” (HarmonyOS)، إلى جانب متجر تطبيقات خاص بها أطلقت عليه اسم “آب جاليري” (App Gallery). كما عملت على بناء منظومة خدمات هواوي للموبايل (HMS) كبديل متكامل لخدمات جوجل، لضمان استمرارية تجربة المستخدمين.
  • المعالجات الصينية المتقدمة: بعد نفاد مخزونها من معالجات Kirin 5G، اضطرت هواوي للاعتماد مؤقتًا على معالجات 4G معدلة من شركة كوالكوم. لكن في أغسطس 2023، أحدثت هواوي صدمة إيجابية في عالم التكنولوجيا بإطلاق هاتف Mate 60 Pro. ولأول مرة منذ عام 2020، جاء الهاتف بمعالج من تصميم هواوي، وهو Kirin 9000S، الذي أعاد دعم شبكات الجيل الخامس (5G). تم تصنيع هذا المعالج المتقدم بواسطة أكبر مسبك للرقائق في الصين، SMIC، بتقنية 7 نانومتر، ليمثل لحظة فارقة في إعلان الاستقلال التكنولوجي للصين وهواوي.

المستقبل الواعد: الذكاء الاصطناعي والتفوق الصيني

يعتقد المسؤولون في هواوي أن هذا الالتزام القوي بقطاع التكنولوجيا الصيني نحو الاكتفاء الذاتي، وهو درس مستفاد من تجربة هواوي الملهمة، سيمكن الصين من تجاوز الولايات المتحدة في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي. يستند هذا التوقع إلى الاقتصاد الصيني الواسع وتنوع سيناريوهات الأعمال المتاحة التي توفر بيئة خصبة لتطوير واختبار حلول الذكاء الاصطناعي المتطورة.

تواصل هواوي اليوم صمودها في وجه التحديات الأمريكية، وتعمل جاهدة للعودة بقوة إلى قمة قوائم شحنات الهواتف الذكية العالمية، وهو المكان الذي وقفت فيه لفترة وجيزة قبل أن تضربها العقوبات الأمريكية بكل ثقلها. هذه التجربة لم تكن مجرد نجاة، بل تحولت إلى محرك دفع لابتكار وتطوير قدرات تكنولوجية ذاتية غير مسبوقة.

اقرأ أيضًا: الكواليس الأولى.. انطلاق تصوير مسلسل “ميد ترم” ببطولة ياسمينا العبد وجلا هشام