أمل جديد لمرضى التصلب الجانبي الضموري.. روبوت مبتكر يعيد لهم القدرة على ممارسة الحياة اليومية
جامعة هارفارد تكشف عن روبوت مبتكر وقابل للارتداء، مصمم خصيصًا لدعم مرضى التصلب الجانبي الضموري (ALS) وناجيي السكتات الدماغية، بهدف استعادة القدرة الحركية الأساسية. يوفر هذا الجهاز المتقدم دعمًا فعالًا للأطراف العلوية، مما يفتح آفاقًا جديدة لتحسين جودة حياة آلاف الأشخاص الذين يعانون من ضعف الحركة التدريجي. يمثل الابتكار قفزة نوعية في مجال التكنولوجيا المساعدة، مقدمًا أملًا حقيقيًا للمرضى لاستعادة بعض استقلاليتهم اليومية.
أمل جديد لمرضى التصلب الجانبي الضموري: قصة كيت نيتش
منذ تشخيصها بمرض التصلب الجانبي الضموري في عام 2018، واجهت كيت نيتش، الأمريكية البالغة من العمر 39 عامًا، تحديًا كبيرًا تمثل في فقدان القدرة على تحريك ذراعها اليمنى. تحولت الأنشطة اليومية البسيطة مثل تناول الطعام وتمشيط الشعر إلى مهام صعبة للغاية، مما أثر على جودة حياتها. لكن بصيص أمل ظهر لها من خلال مشاركتها في اختبارات هذا الروبوت الجديد. تقول كيت معبرة عن حماسها للتكنولوجيا التي تحسن نوعية الحياة: “أنا متحمسة للتكنولوجيا التي تحسن جودة الحياة. هذا الروبوت يمكن أن يحقق ذلك فعلًا”. تعكس تجربتها أهمية هذه الأجهزة في تمكين المرضى.
تصميم الروبوت الذكي ودوره في دعم الحركة للمرضى
يتخذ الروبوت المساعد للمرضى شكل سترة مريحة مزودة بحساسات متطورة وبالون هوائي يوضع بدقة أسفل الذراع. يعمل هذا البالون بآلية النفخ والتفريغ لتقديم الدعم المطلوب للحركة. ما يميز هذا الإصدار الأخير هو التحديث البرمجي الذي يعتمد على تقنيات التعلم الآلي، مما يتيح للنظام التعرف على أنماط الحركة الفريدة لكل مستخدم وتخصيص مستوى الدعم بشكل دقيق. وبخلاف الإصدارات السابقة التي اقتصرت على تتبع الحركة، أضاف الباحثون نموذجًا فيزيائيًا متكاملًا يقدّر الحد الأدنى من الضغط الضروري لدعم الذراع أثناء الحركة. هذا الاندماج بين تقنيات التعلم الآلي والنموذج الفيزيائي جعل المساعدة التي يقدمها الروبوت أكثر طبيعية وسلاسة، حيث أصبح قادرًا على تعديل قوة الدعم صعودًا أو هبوطًا في الوقت الفعلي ليناسب احتياجات المستخدم في كل لحظة.
نتائج واعدة لاختبارات الروبوت المساعد لمرضى الشلل وALS
قام الباحثون بإجراء اختبارات مكثفة على الجهاز شملت تسعة متطوعين، بينهم أربعة مصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري (ALS) وخمسة من الناجين من السكتات الدماغية. أظهرت النتائج أن الروبوت يتمتع بقدرة فائقة على التمييز بين حركات الكتف المختلفة بدقة بلغت 94%. والأهم من ذلك، انخفضت القوة التي يحتاجها المشاركون لخفض ذراعهم بمعدل الثلث مقارنة بالنسخ الأولية للجهاز. والمثير للإعجاب أن المستخدمين أظهروا نطاقًا أوسع من الحركة في كل من الكتف والمرفق والمعصم، مع تراجع ملحوظ في الحاجة إلى حركات تعويضية غير مرغوبة مثل ميل الجذع أو التواء الجسم. ساعد هذا التحسن المرضى على أداء المهام اليومية بكفاءة أكبر وراحة بالغة.
تعاون طبي وهندسي يدفع مستقبل الأجهزة المساعدة
قاد هذا المشروع البحثي الرائد كونور وولش من كلية الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة هارفارد، بالتعاون الوثيق مع فريق من الأطباء المتخصصين من مستشفى ماساتشوستس العام وكلية الطب بجامعة هارفارد. تؤكد الدكتورة سابرينا باغانوني، المتخصصة في مرض التصلب الجانبي الضموري والمشاركة الفاعلة في البحث: “كان إشراك المرضى والأطباء منذ البداية أمرًا محوريًا لتطوير جهاز عملي وملائم لاحتياجاتهم”. يرى الفريق البحثي أن هذا الجهاز يمكن تعميمه واستخدامه على نطاق واسع ليشمل شرائح متعددة من المرضى الذين يعانون من ضعف الأطراف العلوية. تختلف أهداف الاستخدام بين مرضى السكتة الدماغية، الذين يبحثون عن إعادة التأهيل الحركي لاستعادة وظائفهم، ومرضى التصلب الجانبي الضموري (ALS) الذين يحتاجون لدعم وظيفي مستمر بسبب الطبيعة التنكسية للمرض. يعمل الباحثون حاليًا، بدعم من مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية (NSF)، على تطوير نسخ مستقبلية تمكّن المرضى من استخدام الجهاز بشكل مستقل في المنزل، مما سيسهم بشكل كبير في تعزيز استقلاليتهم وتحسين جودة حياتهم بشكل جذري.
يمثل هذا الروبوت القابل للارتداء لمرضى التصلب الجانبي الضموري والسكتات الدماغية خطوة ثورية في مجال التكنولوجيا المساعدة، حيث يدمج الذكاء الاصطناعي المتطور بالتصميم الإنساني ليعيد الأمل لآلاف المرضى حول العالم. ومع استمرار الأبحاث والتطوير، يقترب حلم تحويل هذه الابتكارات الطبية إلى أجهزة متاحة تجاريًا يمكنها تغيير حياة الناس بشكل ملموس وإيجابي.