في لحظات قليلة، يمكن للهدوء الذي يلف الأرض أن يتحول فجأة إلى رعبٍ يهز الأركان؛ إنها الزلازل، تلك القوى الطبيعية الجبارة التي تذكرنا دائمًا بمدى هشاشة وجودنا أمام عظمة الكون. فالزلزال ليس مجرد اهتزاز عابر، بل هو حدث مفصلي قادر على قلب حياة الأفراد والمجتمعات رأسًا على عقب في ثوانٍ معدودة.
خطورة الزلازل لا تتوقف عند تدمير المباني والبنية التحتية فحسب، بل تمتد لتلامس النسيج الإنساني بعمق. فخلف كل انهيار، هناك قصص فُقدت، وأحلام تحطمت، وفقدان لأشخاص عزيزين يترك ندوبًا عميقة لا تُمحى في القلوب. إنها أحداث تثير فينا مشاعر الخوف والقلق، وتختبر قدرتنا على الصمود والتكاتف في مواجهة المجهول.
مصر والحزام الزلزالي.. هل نحن في أمان؟
تتمتع مصر بموقع جغرافي مميز؛ فهي تقع خارج الأحزمة الزلزالية الرئيسية المعروفة عالميًا. ومع ذلك، فإن قربها من مناطق نشطة زلزاليًا مثل خليج العقبة، وخليج السويس، والبحر الأحمر، يجعلها تتأثر أحيانًا ببعض الزلازل متوسطة القوة التي تحدث في هذه المناطق.
آخر الزلازل التي شعر بها المصريون: هل هي مدعاة للقلق؟
في الآونة الأخيرة، شعر بعض المصريين ببعض الهزات الأرضية. لكن ما يميز هذه الهزات هو أن مراكزها كانت جميعها خارج حدود مصر. فعلى سبيل المثال، كان مركز أحد الزلازل التي شعر بها المصريون في تركيا، بينما كان مركز زلزال آخر شعر به المصريون مؤخرًا جنوب جزيرة كريت في البحر الأبيض المتوسط. تُعرف هذه المنطقة بنشاطها الزلزالي، ولكن عادة ما تكون الزلازل التي تحدث في البحر المتوسط غير مدمرة لمصر، ولا تسبب أي خطر مباشر على الأراضي المصرية.
هل يمكن التنبؤ بالزلازل؟ المعهد القومي للبحوث الفلكية يوضح
يؤكد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية مرارًا وتكرارًا أنه لا يمكن التنبؤ بالزلازل. كما يوضح المعهد أن كثرة الهزات الأرضية في منطقة شرق البحر المتوسط أمر طبيعي جدًا، وأن الشبكة القومية للزلازل تقوم برصدها بشكل لحظي ومستمر.
هل مصر معرضة لزلزال كبير ومدمر؟
طمأن الدكتور شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، في تصريحات سابقة، بأن مصر آمنة نسبيًا من الزلازل المدمرة مقارنة بمناطق أخرى تقع مباشرة على الأحزمة الزلزالية النشطة.
صحيح أن التاريخ يشير إلى احتمالية أن تشهد المنطقة نشاطًا زلزاليًا كبيرًا على المدى الطويل، إلا أن تحديد توقيت حدوث ذلك بناءً على النشاط الزلزالي الأخير أمر مستحيل.
لذلك، وعلى الرغم من شعور المصريين ببعض الهزات الأرضية مؤخرًا، فإن هذه الهزات كانت في الغالب ناتجة عن زلازل مركزها خارج مصر في مناطق معروفة بنشاطها الزلزالي. ومصر نفسها ليست على حزام زلزالي مباشر، ولا يوجد ما يشير إلى قرب وقوع زلزال كبير بشكل غير معتاد في الفترة المقبلة بناءً على هذه الزلازل الأخيرة.