بسبب “إقصاء الكفاءات والوساطة”.. نشوى صالح تستقيل من قناة النيل للأخبار برسالة جريئة لـ المسلماني توضح طبيعة بيئة العمل
مراسلة قناة النيل للأخبار، نشوى صالح، تتقدم باستقالة مسببة إلى الهيئة الوطنية للإعلام، منهية بذلك مسيرة مهنية امتدت لأكثر من ربع قرن داخل مبنى ماسبيرو. الاستقالة جاءت احتجاجًا على ما وصفته بتغييب الكفاءات، تفشي الواسطة والمحسوبية، وتردي ظروف العمل الميداني التي أثرت سلبًا على صحتها وسلامتها، مطالبة بإصلاح حقيقي يعيد لمؤسسة الإعلام الوطني اعتبارها.
إعلامية تستقيل من قناة النيل للأخبار بعد مسيرة حافلة
تقدمت الإعلامية نشوى صالح باستقالتها الرسمية المسببة، موجهة إياها إلى الكاتب الصحفي أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والأستاذ أسامة راضي، رئيس قناة النيل للأخبار. وأكدت صالح في نص استقالتها أنها اتخذت هذا القرار بقلب مثقل بالأسى، وهي في قمة عطائها المهني، بعد رحلة تجاوزت خمسة وعشرين عامًا في أروقة ماسبيرو. لم تتوقع الإعلامية يومًا أن تضطر لكتابة هذه الكلمات التي تنهي بها مسيرتها في العمل الإعلامي الوطني.
رحلة نشوى صالح في ماسبيرو: من الإخراج إلى المراسلة الميدانية
تخلل مسيرة نشوى صالح المهنية الطويلة في ماسبيرو مراحل متعددة عكست شغفها وإيمانها برسالة الإعلام. وقد بدأت رحلتها بالتحاقها بالمبنى العريق، حيث:
- عملت كمخرجة تنفيذ في الهواء مباشرة.
- انتقلت بعدها لإخراج البرامج والأفلام التسجيلية.
- استقرت في عملها كمراسلة إخبارية ميدانية منذ عام 2012 وحتى تاريخ استقالتها.
وأكدت صالح أنها لم تدخر جهدًا أو وقتًا طوال هذه السنوات، حرصًا منها على رفعة اسم القناة والإسهام في الإعلام الوطني بكل طاقتها.
اتهامات بتغييب الكفاءات والواسطة داخل الهيئة الوطنية للإعلام
في استقالتها، كشفت نشوى صالح عن أسباب جوهرية دفعتها لترك عملها، معتبرة أن سنوات عطائها لم تُقابل بالتقدير المهني أو الإنساني المستحق. وأوضحت أن بيئة العمل شهدت ما وصفته بـ “إقصاء الكفاءات” و”فتح الباب للوساطة والمجاملات” على حساب العدالة وتطبيق القانون. فقد أشارت إلى:
- اجتيازها اختبار المذيعين وقارئي النشرات رسميًا وبنجاح كامل، إلا أن نتيجة هذا الاختبار ظلت حبيسة الأدراج.
- ظهور وجوه جديدة على الشاشة لم تخضع لأي اختبارات معلنة، مما اعتبرته انتهاكًا صريحًا لتكافؤ الفرص والشفافية.
هذه الممارسات، بحسب صالح، تضرب عرض الحائط بكل الأعراف المهنية واللوائح والقوانين والمواثيق الإعلامية والأخلاقية.
ظروف عمل ميداني صعبة وتهديدات صحية دفعتها للاستقالة
تطرقت نشوى صالح في استقالتها إلى الثمن الباهظ الذي دفعه الإعلاميون في العمل الميداني، مشيرة إلى ظروف صعبة ومتدهورة أثرت سلبًا على صحتها وسلامتها. ومن أبرز التحديات التي واجهتها وزملاءها:
- الاعتماد على سيارات متهالكة تفتقر لأدنى معايير الأمان أو التكييف، مما يجعل العمل في درجات حرارة تصل إلى 47 درجة أمرًا شاقًا.
- القيام برحلات طويلة خارج القاهرة دون توفير حماية كافية أو وسائل راحة مناسبة.
- مواجهة صعوبات بالغة ومجهود مضاعف للحصول على أمر العمل “الأوردر” من ماسبيرو.
- الاضطرار لاستخدام معدات تصوير بدائية لا تواكب التطور التقني الحديث.
- مشكلات متكررة في المونتاج والإنتاج، تؤثر على جودة المادة الإعلامية وتضعف من مصداقية القناة أمام جمهورها.
وأكدت أن العائد المادي المتدني لم يعد يكفي لتغطية نفقات العمل الأساسية، مثل وقود السيارة وتكاليف المكياج وتصفيف الشعر والملابس اللائقة، مما يجعل الوضع غير منطقي وغير عادل. هذه الظروف استنزفت طاقتها ومثلت خطرًا حقيقيًا على سلامتها الجسدية والنفسية، وهو حال العديد من الزملاء بلا استثناء.
صرخة صادقة لإنقاذ ماسبيرو وإعادة الاعتبار للعاملين
اختتمت نشوى صالح استقالتها بكلمات معبرة عن حزنها العميق، ليس على منصب أو موقع، بل على مكانة قناة النيل للأخبار ومبنى ماسبيرو ذاته، اللذين لطالما رأتهما منارات للإعلام الوطني. وأكدت أن الظلم واللا مهنية لا يهدمان الأفراد فحسب، بل يضعفان المؤسسات ويهددان هيبتها أمام الأجيال الحالية والقادمة. وصفت استقالتها بأنها ليست انسحابًا، بل “صرخة صادقة وجرس إنذار أخلاقي قبل أن يكون إداريًا”، أملًا في أن تدفع هذه الخطوة نحو إصلاح حقيقي يعيد لماسبيرو اعتباره، ويصون كرامة وحقوق من أفنوا أعمارهم تحت رايته.