غدًا الخميس.. المركزي المصري على المحك: هل يختار تخفيض الفائدة لدعم النمو أم تثبيتها لمواجهة التضخم؟
تترقب الأوساط الاقتصادية المصرية والعالمية باهتمام بالغ اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري غداً الخميس 28 أغسطس 2025، حيث تتضارب التوقعات حول قرار أسعار الفائدة الرئيسية. ينقسم الخبراء بين من يرى ضرورة خفض الفائدة لدعم النمو الاقتصادي في ظل تراجع معدلات التضخم، ومن يحذر من التسرع ويدعو للإبقاء على المعدلات الحالية تحسبًا لمخاطر مستقبلية. ويأتي هذا الاجتماع بعد سلسلة من التخفيضات التدريجية للفائدة بلغت 325 نقطة أساس منذ مطلع العام الجاري، في أعقاب فترة تشديد نقدي لمواجهة ذروة التضخم.
توقعات اجتماع البنك المركزي المصري: خفض أم تثبيت؟
تشير استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات مالية محلية ودولية إلى أن لجنة السياسة النقدية قد تتجه نحو خفض أسعار الفائدة الأساسية بنسبة تتراوح بين 100 و200 نقطة أساس. يستند هذا التوقع إلى تحسن أداء الجنيه المصري وانخفاض معدلات التضخم بشكل ملحوظ. وعلى الجانب الآخر، يحذر بعض الخبراء من اتخاذ قرار متسرع، مشيرين إلى احتمالية ظهور ضغوط تضخمية مستقبلية وتحديات اقتصادية خارجية قد تستدعي الحفاظ على مستويات الفائدة الحالية لضمان الاستقرار. تبلغ أسعار الفائدة حاليًا 24% على الإيداع و25% على الإقراض لليلة واحدة.
خبراء يرجحون خفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي
يتوقع غالبية الخبراء في القطاع المصرفي والاستثماري أن يتخذ البنك المركزي قرارًا بخفض الفائدة في اجتماعه المقبل. يعتقدون أن هذا الخفض سيدعم النشاط الاقتصادي ويعزز بيئة الاستثمار في مصر.
الجهة/الخبير | التوقع الرئيسي | مقدار التغيير المقترح (نقطة أساس) |
استطلاع “الشرق” (8 من 10 بنوك) | خفض | 100 أو أكثر |
استطلاع “رويترز” (متوسط التوقعات) | خفض | 100 |
آية زهير (زيلا القابضة) | خفض | 100-200 |
محمد عبدالعال (البنك المصري الخليجي) | خفض | 200 |
“فيتش سوليوشنز” (BMI) | خفض | 100-200 |
محمد أبو باشا (إي إف جي القابضة) | خفض | 100 |
هاني جنينة (الأهلي فاروس) | خفض | 200 |
ماجد فهمي (رئيس بنك التنمية الصناعية سابقًا) | تثبيت | لا يوجد |
سلمى طه (نعيم للوساطة المالية) | تثبيت | لا يوجد |
مصطفى شفيع (عربية أون لاين) | تثبيت | لا يوجد (توقع خفض لاحقاً) |
أوضحت آية زهير، مستشارة مالية في شركة زيلا القابضة، أن انخفاض معدل التضخم وتعزز قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، بالإضافة إلى المبادرات الحكومية لخفض أسعار السلع الأساسية، كلها عوامل تدعم خفض الفائدة بنسبة تتراوح بين 1% و2%. من جانبه، توقع الخبير المصرفي محمد عبدالعال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، خفضًا قدره 200 نقطة أساس، مع إمكانية وصول الخفض التراكمي إلى 400 نقطة أساس بنهاية 2025، لتصل الفائدة إلى حوالي 20%. وتدعم هذه التوقعات انحسار التضخم وتحسن الاحتياطي النقدي واستقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي.
كما رجّحت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” عبر خدمتها “BMI” أن يتجه البنك المركزي لخفض الفائدة بنسبة تتراوح بين 1% و2%، مستندة إلى تراجع التضخم وتحسن تدفقات الاستثمار الأجنبي، مع توقع تراجع الفائدة الحقيقية. وتوقع محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في “إي إف جي القابضة”، خفضاً بواقع 100 نقطة أساس نتيجة لقراءة التضخم الإيجابية لشهر يوليو وغياب ضغوط سعرية جديدة، بالإضافة إلى صعود الجنيه مقابل الدولار وتوجه الفيدرالي الأمريكي لخفض الفائدة في سبتمبر. وفي الاتجاه ذاته، رأى هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في شركة الأهلي فاروس، أن المركزي قد يخفض الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، مرجعاً ذلك إلى الفارق الإيجابي بين معدلات الفائدة والتضخم والمبادرات الحكومية لتخفيض أسعار السلع.
تراجع معدل التضخم السنوي في مصر يفتح المجال لخفض الفائدة
شهد معدل التضخم السنوي في المدن المصرية تراجعًا ملحوظًا، حيث أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 10 أغسطس الماضي انخفاضه إلى 13.9% خلال يوليو 2025، مقارنة بـ14.9% في يونيو. جاء هذا التراجع مدفوعًا بانخفاض أسعار عدد من السلع الأساسية مثل اللحوم والدواجن والفواكه والخضروات، بينما تراجع التضخم الشهري بنسبة 0.5%.
بلغ التضخم في مصر ذروته عند 38% في سبتمبر 2023، قبل أن يبدأ مساره الهبوطي المستمر بعد قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024، مدعومًا ببرنامج صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار. وفي تلك الفترة، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بشكل حاد لكبح الموجة التضخمية. ومع بداية عام 2025، بدأ المركزي المصري دورة خفض تدريجية للفائدة عقب استقرار الأسواق وتحسن المؤشرات الاقتصادية. وتضمنت هذه الدورة القرارات التالية:
- خفض أسعار الفائدة 225 نقطة أساس في 17 أبريل 2025.
- خفض أسعار الفائدة 100 نقطة أساس إضافية في 22 مايو 2025.
- الإبقاء على المعدلات دون تغيير في اجتماع 10 يوليو 2025، مبررًا القرار بارتفاع التضخم وقتها.
آراء تحذر من التسرع وتدعو لتثبيت أسعار الفائدة
في المقابل، يرى عدد من المحللين الاقتصاديين أن البنك المركزي قد يفضل التريث والإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه القادم. يبررون موقفهم بمجموعة من العوامل التي قد تؤدي إلى عودة الضغوط التضخمية أو التأثير على استقرار الاقتصاد.
توقع ماجد فهمي، الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية، أن يلجأ المركزي لتثبيت الفائدة، مشيرًا إلى احتمالية ارتفاع التضخم مجددًا مع تطبيق زيادات مرتقبة في أسعار الكهرباء والطاقة كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي. وأوضح فهمي أن خفض الفائدة في ظل تضخم متوقع ليس مألوفًا، وقد يتطلب دراسة أعمق لأسباب ارتفاع الأسعار، فضلاً عن تأثير خروج استثمارات الأموال الساخنة على استقرار الجنيه.
من جهتها، رجّحت سلمى طه، رئيسة قطاع الأبحاث في “نعيم للوساطة المالية”، أن يفضل البنك المركزي التثبيت لدعم خطط الحكومة في إصدار صكوك بقيمة مليار دولار بين سبتمبر وأكتوبر. واعتبرت أن الفائدة المرتفعة تضمن عوائد جاذبة للمستثمرين الأجانب وتحافظ على تدفقات النقد الأجنبي إلى البلاد.
كما شاركها الرأي مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث في “عربية أون لاين”، متوقعًا الإبقاء على المعدلات ثابتة بسبب الضبابية في الأسواق العالمية وارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ما قد يدفع الفيدرالي الأمريكي لتأجيل دورة التيسير النقدي. ورجح شفيع أن يبدأ البنك المركزي المصري دورة الخفض التدريجي في أكتوبر بخفض 100 نقطة أساس، يتبعه خفضان آخران في نوفمبر وديسمبر، ليصل إجمالي الخفض في 2025 إلى ما بين 600 و700 نقطة أساس.