توقعات الفائدة الجديدة.. خبراء يكشفون سيناريو خفض أسعار الفائدة في اجتماع المركزي المقبل رغم ضغوط التضخم
يستعد البنك المركزي المصري لاتخاذ قرار حاسم بشأن أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب يوم الخميس 28 أغسطس 2025، حيث تتجه الأنظار نحو إمكانية خفض جديد للفائدة. يأتي هذا الترقب وسط تباين في آراء الخبراء الاقتصاديين، فبينما يرى البعض في تراجع معدلات التضخم وتحسن المؤشرات الاقتصادية فرصة لدعم النمو بخفض الفائدة، يحذر آخرون من ضغوط تضخمية محتملة جراء الإصلاحات المالية المرتقبة، مما يستدعي التريث.
توقعات خفض سعر الفائدة: آراء متباينة بين الخبراء
أجمع عدد من خبراء الاقتصاد على أن قرار لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري سيكون مفصليًا لمسار السياسة النقدية خلال الأشهر المتبقية من العام. يرى خبراء أن تراجع معدلات التضخم السنوي مؤخرًا، إضافة إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل زيادة الاحتياطيات النقدية وارتفاع تحويلات المصريين بالخارج وتحسن الصادرات والسياحة، يفتح الباب أمام خفض محتمل لسعر الفائدة قد يتراوح بين 50 و200 نقطة أساس. في المقابل، يفضل البعض توخي الحذر والانتظار، مشيرين إلى أن الضغوط التضخمية قد تزداد بفعل الإصلاحات المالية المرتقبة ورفع أسعار الطاقة.
مؤشرات اقتصادية تدعم خفض الفائدة المرتقب
يستند المحللون الذين يتوقعون خفضًا في أسعار الفائدة إلى عدة عوامل إيجابية شهدها الاقتصاد المصري مؤخرًا. من أبرز هذه العوامل انخفاض معدلات التضخم خلال الأشهر الأخيرة، وارتفاع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وتحسن أداء الصادرات المصرية، بالإضافة إلى زيادة مؤشر مديري المشتريات الذي يعكس نشاط القطاع الخاص غير النفطي. كما يتوقع أن يتجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، مما يوفر بيئة مواتية للبنك المركزي المصري لاتخاذ خطوة مماثلة.
من العوامل التي تدعم قرار خفض سعر الفائدة:
- تراجع معدلات التضخم السنوية وإجمالي الجمهورية.
- ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي وتحويلات المصريين بالخارج.
- تحسن إيرادات السياحة وارتفاع حجم الصادرات الصناعية والزراعية.
- زيادة مؤشر مديري المشتريات.
- توقعات بخفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
- استقرار تدفقات النقد الأجنبي وتحسن قيمة الجنيه المصري.
دعوات للتريث ومراعاة الضغوط التضخمية المحتملة
على الجانب الآخر، يحذر بعض الخبراء من التعجل في خفض أسعار الفائدة. الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، يرى أن هناك فرصة لخفض الفائدة، لكن القرار يعتمد على الظروف والتوقيت المناسبين. ويشير إلى أن التضخم السنوي سجل تراجعًا، إلا أن التضخم الشهري في آخر قراءة حقق أعلى معدل ارتفاع، مما يعكس استمرار بعض الضغوط السعرية.
كما يوضح الدكتور أنيس أن الحكومة بصدد تنفيذ قرارات إصلاح مالي حتمية خلال الأشهر المقبلة، تشمل رفع أسعار المحروقات والكهرباء والغاز الصناعي، وهو ما قد يخلق موجة جديدة من الضغوط التضخمية. لهذا السبب، يفضل أن ينتظر البنك المركزي لامتصاص أثر هذه القرارات وتقييم تداعياتها على التضخم قبل استئناف سياسة الخفض. ويرجح أن التثبيت حاليًا هو الأفضل، على أن يتم العودة للخفض في آخر اجتماعات عام 2025 بعد انتهاء الإصلاحات المالية والمراجعات مع صندوق النقد الدولي.
تأثير خفض الفائدة على سوق المال والاقتصاد
يؤكد محللو سوق المال أن خفض أسعار الفائدة سيكون له تأثير إيجابي مباشر على سوق المال. يشير الدكتور سامح هلال، محلل سوق المال، إلى أن الدراسات الاقتصادية تظهر علاقة عكسية بين أسعار الفائدة وأسعار الأوراق المالية. ففي حالة خفض الفائدة، تزداد جاذبية الأسهم وتتحفز الاستثمارات الجديدة، مما ينشط سوق المال.
الجدول التالي يوضح بعض البيانات المالية ذات الصلة بأسعار الفائدة والتضخم:
معدل التضخم السنوي (يوليو 2025) | 13.9% |
سعر الفائدة على الإيداع حاليًا | 24% |
سعر الفائدة على الإقراض حاليًا | 25% |
خفض متوقع في الفائدة (خبراء) | 50 – 200 نقطة أساس |
تخفيف أعباء الدين الحكومي وتحفيز الاستثمار
يشير خبراء الاقتصاد إلى أن خفض أسعار الفائدة يحقق مكاسب متعددة للدولة والقطاع الخاص. الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، يوضح أن اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة ومعدل التضخم يتيح للبنك المركزي مجالًا واسعًا للتحرك نحو خفض الفائدة.
من أهم فوائد خفض أسعار الفائدة:
- تقليل أعباء خدمة الدين: يقلل خفض الفائدة بنسبة 1% من أعباء الدين العام للدولة بنحو 70 مليار جنيه، وفي حال خفض 2%، يتجاوز التوفير 140 مليار جنيه، علمًا بأن خدمة الدين تمثل حوالي 50% من مصروفات الموازنة العامة.
- خفض التكاليف التمويلية: يقلل من تكاليف الاقتراض على المنتجين والتجار، مما يدعم هوامش الربحية ويحفز الاستثمار في القطاع الخاص.
- تعزيز النمو الاقتصادي: يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي من خلال تحفيز الاستهلاك والاستثمار.
- دعم مبادرات خفض الأسعار: يقلل تكاليف الإنتاج، مما يساعد على استمرار تراجع أسعار السلع الغذائية والمعمرة بالتعاون مع المبادرات الحكومية.
موازنة البنك المركزي بين النمو واحتواء التضخم
يؤكد الدكتور محمد عبد الهادي، الخبير الاقتصادي، أن اجتماع البنك المركزي المقبل حاسم لتحديد أسعار الفائدة في ظل توجه الدولة نحو خفض معدل التضخم إلى مستوى مستهدف يبلغ 7%. ويوضح أن قرار البنك المركزي يعتمد على عدة محددات أبرزها استمرار معدل التضخم عند مستويات أعلى من المستهدف، على الرغم من تراجعه.
يشدد الخبراء على أن البنك المركزي المصري يعمل على تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار واحتواء التضخم. فبينما يرى البعض أن خفض الفائدة ضروري لدفع عجلة النمو وتخفيف الأعباء، يرى آخرون أن التريث قد يكون الخيار الأفضل لتجنب أي انتكاسة تضخمية محتملة، خاصة مع التوقعات برفع الدعم عن المحروقات في أكتوبر المقبل والذي قد يزيد التضخم مجددًا. يمثل هذا التحدي محور قرار البنك المركزي في اجتماعه المقبل، بهدف دعم مسار الاقتصاد المصري نحو الاستقرار والنمو المستدام.