توصية دولية حاسمة: محمود محيي الدين يؤكد ضرورة تمكين المدن مالياً لمواجهة التغير المناخي وتحقيق اتفاق باريس.
أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، أن تزويد المدن بأدوات مالية مبتكرة وضرورية يمكنها من مواجهة التغيرات المناخية، وذلك لتحقيق أهداف اتفاق باريس. جاء هذا خلال مشاركته في المنتدى الدولي للابتكار المالي بالبرازيل، حيث طرح حلولًا لتمكين المدن من قيادة العمل المناخي، مشددًا على أن التمويل التقليدي لم يعد كافيًا لمواجهة التحديات المتزايدة.
المدن تواجه تحديات التمويل والمناخ
أوضح الدكتور محمود محيي الدين أن المدن، وخاصة في الدول النامية، تواجه ضغوطًا مضاعفة تتمثل في تعرضها المستمر لمخاطر التغير المناخي مثل الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة والجفاف. تزامنًا مع هذه المخاطر البيئية، تعاني هذه المدن من ندرة في الموارد المالية اللازمة للتصدي لهذه الظواهر الكارثية. تحقيق أهداف المناخ والتنمية المستدامة يتطلب تجاوز الأساليب التقليدية والتوجه نحو أدوات مالية مبتكرة تمكن المدن من بناء قدرتها على الصمود.
ركائز أساسية لتعزيز التمويل الحضري الأخضر
طرح الدكتور محيي الدين إطارًا عمليًا يتكون من خمس ركائز رئيسية لتمويل المدن بشكل أكثر عدالة وفاعلية في مواجهة التغير المناخي. هذه الركائز تسعى لفتح آفاق جديدة للاستثمار في مشروعات المناخ الحضري:
- **تفعيل التمويل المختلط وتقاسم المخاطر:** يرى محيي الدين أن دمج التمويل العام والخاص يحفز استثمارات ضخمة في مشروعات المناخ بالمدن. كما أكد أن مشاركة مؤسسات التنمية متعددة الأطراف في تقليل المخاطر عامل أساسي لجذب رؤوس الأموال الخاصة.
- **صناديق المناخ الحضرية المحلية:** دعا إلى إنشاء صناديق محلية وإقليمية مخصصة لإدارة التمويل الموجه للمدن. هذا النهج يضمن ترجمة التمويل الدولي إلى استثمارات ملموسة على أرض الواقع.
- **السندات الخضراء والمستدامة:** أشار إلى أن سوق السندات الخضراء تجاوز تريليوني دولار عالميًا، وهو ما يمثل فرصة استثمارية هائلة للمدن للحصول على تمويل مشروعاتها المستدامة.
- **الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPPs):** توفر هذه الشراكات تمويلًا أكبر وخبرات تكنولوجية متقدمة، مؤكدًا أن نجاحها يتطلب إطارًا قانونيًا واضحًا وتوزيعًا عادلًا للمخاطر.
- **تعزيز الحلول القائمة على الطبيعة (NbS):** تشكل هذه الحلول جزءًا حيويًا من استراتيجيات التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره، وتستفيد من النظم البيئية الطبيعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
منصات إقليمية لدعم مشروعات المناخ
شدد الدكتور محيي الدين على أهمية استفادة المدن من المنصات العالمية والإقليمية والمحلية المخصصة للعمل المناخي والتحول الأخضر. في هذا السياق، نوه إلى مبادرة المنصات الإقليمية للمشروعات المناخية (RPCP) التي أطلقتها الرئاسة المصرية لمؤتمر COP27 بالشراكة مع اللجان الاقتصادية الإقليمية للأمم المتحدة. استهدفت هذه المبادرة ربط الأولويات المناخية الإقليمية بالتمويل العالمي من خلال عرض مشروعات قابلة للاستثمار وربط أصحابها بالممولين المحتملين.
خلال ثلاث سنوات، حققت المبادرة نجاحًا كبيرًا، حيث عرضت مشاريع مؤثرة في مجال التنمية المستدامة والعمل المناخي:
عدد المشاريع المعروضة | أكثر من 450 مشروعًا قابلاً للاستثمار |
القيمة الإجمالية للمشاريع | تتجاوز 500 مليار دولار |
عدد المشاريع التي حصلت على تمويل فعلي | 19 مشروعًا |
قيمة التمويل الفعلي الذي حصلت عليه المشاريع | 1.9 مليار دولار |
عدد الممولين المشاركين عالميًا | أكثر من 200 ممول |
مبادرات وطنية رائدة: نموذج المشروعات الخضراء الذكية في مصر
أشار الدكتور محيي الدين إلى أهمية المبادرات الوطنية، مسلطًا الضوء على نجاح المبادرة المصرية للمشروعات الخضراء الذكية التي أطلقتها مصر عام 2022 استعدادًا لاستضافة مؤتمر COP27. استهدفت هذه المبادرة جميع المحافظات المصرية لدعم مشروعات تجمع بين الاستدامة البيئية، والابتكار التكنولوجي، والجدوى الاقتصادية، والشمول الاجتماعي. وقد شهدت المبادرة مشاركة واسعة النطاق، حيث تقدم أكثر من 20 ألف مشروع خلال دوراتها الثلاث، وتم إعلان 18 مشروعًا فائزًا على مستوى الجمهورية في كل دورة، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالحلول المستدامة على المستوى المحلي.
أكد محيي الدين أن نجاح الجهود المناخية يتطلب تحقيق شراكات قوية ومتعددة الأطراف تضم الحكومات الوطنية والمحلية، ومؤسسات التمويل التنموي، والقطاع الخاص. واختتم كلمته بالتأكيد على أن توفير أدوات التمويل المبتكرة والفعالة للمدن سيجعلها تقود عملية التحول الأخضر وتساهم بشكل إيجابي في تنفيذ أهداف العمل المناخي العالمي.