نقطة تحول في الطب! الذكاء الاصطناعي يقلب موازين دقة التشخيص

أثار بحث جديد نشر في دورية “Lancet Gastroenterology & Hepatology” جدلاً واسعًا بعدما كشف أن دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجال التنظير الطبي قد يحمل آثاراً سلبية غير متوقعة على أداء الأطباء. فقد أظهرت النتائج أن الأطباء الذين اعتادوا على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة أثناء عمليات تنظير القولون، تراجع أداؤهم في اكتشاف السلائل بشكل ملحوظ عند إيقاف هذه الأدوات.

تراجع مهارات الأطباء بعد مساعدة الذكاء الاصطناعي في التنظير

شملت الدراسة، التي تعد الأحدث في هذا المجال، 1443 مريضاً خضعوا لإجراءات تنظير القولون، بعضهم بمساعدة الذكاء الاصطناعي والبعض الآخر بدونها. خلال فترة استخدام التقنية، تمكن الأطباء من تحديد المشكلات بمعدل مرتفع. ومع ذلك، بعد سحب أداة الذكاء الاصطناعي، شهد معدل اكتشاف السلائل تراجعاً بنسبة 20%، مما أثار قلق الباحثين حول تأثير الاعتماد على هذه التقنيات.

اقرأ أيضًا: تغيير جذري منتظر؟.. تسريبات جديدة تكشف ما لم تتوقعه جماهير آيفون 17

الحالةمعدل اكتشاف السلائل
مع مساعدة الذكاء الاصطناعي28.4%
بعد إيقاف الذكاء الاصطناعي22.4%

وصف الدكتور مارتشين رومانتشيك، طبيب الجهاز الهضمي بمركز H-T الطبي في بولندا، هذه النتائج بالمفاجئة، موضحاً أن الأطباء ربما أصبحوا يعتمدون بشكل كبير على الإشارات البصرية التي يوفرها النظام، مثل المربعات الخضراء التي تحدد مناطق الاشتباه. هذا الاعتماد قد يقلل من تركيزهم وقدرتهم على تحديد المشكلات بأنفسهم عندما تغيب تلك المؤشرات المرئية.

“تأثير خرائط غوغل”: هل يقلل الذكاء الاصطناعي من تركيز الأطباء؟

يشبه الباحثون ظاهرة تراجع الأداء هذه بما أطلقوا عليه “تأثير خرائط غوغل”، حيث يعتمد السائقون اليوم بشكل كامل على أجهزة تحديد المواقع لتوجيههم، بدلاً من تطوير مهاراتهم الخاصة في الملاحة وتحديد الطرق. هذا التشبيه يوضح كيف أن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا قد يؤدي إلى تآكل المهارات البشرية الأساسية. واستشهدت الدراسة بتجارب سابقة في قطاع الطيران، مثل حادثة طائرة “إير فرانس” عام 2009، حيث أودى الاعتماد المفرط على الطيار الآلي بحياة 228 شخصاً، بعدما فشل الطاقم في التعامل يدوياً مع عطل مفاجئ بالنظام.

اقرأ أيضًا:

تطور جديد.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي وظائف الجيل الجديد؟

مخاطر الاعتماد المفرط على التقنيات الذكية في العمل

هذه المخاوف من تآكل المهارات البشرية لا تقتصر على المجال الطبي أو قطاع الطيران، بل تمتد لتشمل مختلف ميادين العمل. ففي الوقت الذي تتوقع فيه مؤسسات كبرى مثل “غولدمان ساكس” أن يساهم الذكاء الاصطناعي في زيادة إنتاجية القوى العاملة بنسبة 25%، تحذر دراسات أخرى، من بينها أبحاث مشتركة لجامعة “كارنيجي ميلون” وشركة “مايكروسوفت”، من أن الإفراط في الاعتماد على التقنيات الذكية قد يؤدي إلى تراجع القدرات النقدية والتحليلية لدى العاملين.

نحو دمج آمن للذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي

في ختام الدراسة، يؤكد الدكتور رومانتشيك أن الهدف الأسمى ليس إقصاء الذكاء الاصطناعي من غرف العمليات أو المجال الطبي بشكل عام، بل فهم آثاره الجانبية المحتملة وتطوير أساليب تدريبية مبتكرة تحافظ على المهارات الطبية الجوهرية وتعززها. فكما تقول الدكتورة لين وو من كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا: “ينبغي علينا أن نُحسن استخدام التقنية بذكاء وفعالية، دون أن نفقد قدرتنا الأساسية على التحكم والسيطرة إذا ما تعرضت هذه الأنظمة للتعطل أو الخلل”. هذا التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على المهارات البشرية يعتبر تحدياً حيوياً للمستقبل.

اقرأ أيضًا: أخيرًا.. جوجل تُصلح مشكلة زر الرجوع في هواتف Pixel