في تاريخ كرة القدم الخليجية، تتلألأ أسماء لا يمكن نسيانها، لكن قلة نادرة هي من تحولت إلى رموز وطنية حقيقية وأيقونات ملهمة للنجاح، مثل الأسطورة ماجد عبد الله. لم يكن من السهل على أي لاعب أن يجمع بين الموهبة الفذة، والأخلاق الرفيعة، والعطاء المستمر داخل الملعب وخارجه. إن النموذج الذي يمثله “ماجد” لا يروي فقط قصة نجم رياضي، بل يعكس حالة وجدانية راسخة في ذاكرة أجيال كاملة من السعوديين والخليجيين. فما بين أهدافه التاريخية الحاسمة وإسهاماته الاجتماعية المتواصلة، تجاوز “ماجد” مجرد كونه لاعبًا، ليصبح بحق أسطورة وطنية حيّة.
النشأة والبدايات الكروية: قصة صعود نجم
وُلد ماجد أحمد عبد الله في عام 1959 بمدينة جدة، وانتقل بعدها مع عائلته إلى الرياض. هناك، بدأت تظهر ملامح موهبته الكروية الفطرية منذ سنوات طفولته المبكرة. لفت “ماجد” الأنظار بقوة في ملاعب المدرسة، ومنها انطلق ليخطو أولى خطواته نحو عالم الاحتراف. كانت بداية رحلته الكروية الاستثنائية من بوابة نادي النصر، ليتألق بعدها ويصل إلى تمثيل المنتخب السعودي.
مسيرة خالدة: ماجد عبد الله في بطولات كأس الخليج
تُعد مشاركات الأسطورة ماجد عبد الله في دورات كأس الخليج العربي من أبرز فصول مسيرته الكروية اللامعة. قدم خلال هذه البطولات أداءً استثنائيًا ساهم في ترسيخ مكانته كأحد أعظم المهاجمين في تاريخ الكرة الآسيوية.
1. دورة الخليج 1979 – بغداد: بداية التألق
كانت هذه البطولة أول ظهور لماجد في كأس الخليج. تمكن خلالها من تسجيل 7 أهداف، كان أبرزها 5 أهداف رائعة في شباك منتخب قطر. ورغم هذا الأداء المميز، ذهب لقب الهداف في تلك النسخة للمهاجم العراقي حسين سعيد.
2. دورة الخليج 1982 – الإمارات: ماجد هدافًا
في هذه النسخة، سجل ماجد عبد الله 3 أهداف، وتوّج بلقب هداف البطولة بالمناصفة، ليؤكد بذلك على قدراته التهديفية الكبيرة وأنه قوة هجومية لا يُستهان بها.
3. دورة الخليج 1984 – سلطنة عمان: مشاركة قصيرة
شهدت هذه الدورة مشاركة “ماجد” في مباراة واحدة فقط أمام منتخب قطر. سجل خلالها هدفًا قبل أن يضطر لمغادرة المعسكر بسبب الإصابة.
4. دورة الخليج 1986 – البحرين: أهداف حاسمة
في هذه النسخة، أحرز ماجد عبد الله 4 أهداف في شباك منتخبات قوية مثل الكويت، البحرين، وعُمان، مما يعكس تأثيره الهجومي الكبير.
5. دورة الخليج 1988 – السعودية: تاريخ على أرض الوطن
كانت هذه الدورة مميزة حيث شهدت افتتاح استاد الملك فهد الدولي الجديد. سجل ماجد هدفين خلال البطولة أمام منتخبي الإمارات والبحرين، ليكتب فصلًا جديدًا في تاريخه على أرض بلاده.
إنجازات وأرقام خالدة: إرث ماجد في الخليج
- سجل ماجد عبد الله 17 هدفًا في 26 مباراة خاضها في تاريخ بطولات كأس الخليج، ليصبح بذلك ثاني أفضل هدّاف في تاريخ البطولة، خلف النجم الكويتي جاسم يعقوب.
- لم يتوّج “ماجد” بأي لقب خليجي، لكن حضوره الفني والذهني المذهل شكّل علامة فارقة وبصمة لا تُمحى في ذاكرة الجماهير التي عشقت طريقة لعبه وأهدافه.
بعد الاعتزال: عطاء مستمر ومبادرات مجتمعية
على الرغم من اعتزال ماجد عبد الله لكرة القدم، إلا أن تأثيره لم ينتهِ عند حدود الملاعب. استمر عطاؤه من خلال مساهماته المجتمعية الهامة. يقود “ماجد” حاليًا جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم، وهي مبادرة رائعة تُعنى بدعم اللاعبين القدامى وأسرهم. هذه الصورة تعكس مدى وفائه وتقديره لرفاق دربه وتاريخه الرياضي العريق، وتؤكد أن الأساطير لا تُنسى.