تطور جديد.. سعر صرف الدولار مقابل الجنيه يثير جدلاً واسعاً: تفاؤل محلي في مواجهة تحفظات دولية
يشهد سعر صرف الجنيه المصري جدلاً واسعًا مع تباين التوقعات بين المؤسسات الدولية والخبراء المحليين بشأن مساره المستقبلي. يأتي ذلك بعد تحول مفاجئ شهدته العملة المحلية، حيث ارتفعت قيمتها بشكل ملحوظ مقابل الدولار الأمريكي، مدعومة بتدفقات نقدية أجنبية كبيرة وهدوء التوترات الاقتصادية. هذه التطورات تثير تساؤلات حول استقرار الجنيه ومستقبل التضخم وأسعار الفائدة في مصر.
تحركات الجنيه المصري الأخيرة وتأثير التدفقات النقدية
شهد الجنيه المصري ارتفاعًا ملحوظًا خلال الشهرين الماضيين، ليتم تداوله عند مستوى يقارب 48.45 جنيه للشراء و 48.55 جنيه للبيع مقابل الدولار، وهو أعلى مستوى له منذ عام. هذا الارتفاع جاء مدفوعًا بشكل رئيسي بالإقبال المتزايد من المستثمرين الأجانب على شراء أذون الخزانة المحلية، بالإضافة إلى هدوء التوترات التي كانت تؤثر على السوق. التحسن في سعر الصرف أثار حالة من التفاؤل الحذر في الأوساط الاقتصادية المصرية حول قدرة الجنيه على مواصلة التعافي.
توقعات المؤسسات الدولية لمستقبل سعر صرف الدولار
تباينت توقعات المؤسسات الدولية والخبراء حول مسار الجنيه المصري مقابل الدولار. فبينما يرى البعض استقرارًا أو تحسنًا، يتوقع آخرون تراجعًا خلال الفترة القادمة. وفيما يلي ملخص لأبرز هذه التوقعات:
المؤسسة/الخبير | توقعات سعر صرف الدولار مقابل الجنيه | توقعات التضخم | توقعات أسعار الفائدة | ملاحظات |
فيتش سوليوشنز | 50-55 جنيهًا في 2024، 52.50 جنيهًا في 2025 | 28.3% في 2024، 15.3% في 2025 | مجال لخفض الفائدة | يعكس اتساع نطاق التداول عدم اليقين العالمي |
صندوق النقد الدولي | قرب 50 جنيهًا | – | – | البنك المركزي لا يدعم الجنيه مباشرة |
فخري الفقي (رئيس لجنة الخطة والموازنة بالنواب) | دون 40 جنيهًا (خلال العام المالي 2025-2026) | – | – | تراجع تدريجي متوقع |
هاني جنينة (الخبير الاقتصادي) | نحو 47 جنيهًا خلال شهرين | – | 23% (بانخفاض 2%) | مدفوعًا بخفض الفائدة الأمريكية وارتفاع سوق المال |
مصدر مصرفي لـ”مانشيت” | ارتداد قرب 50 جنيهًا | – | – | بسبب ارتفاع التزامات خدمة الدين |
البنك المركزي المصري | – | هدف 5-9% بنهاية الربع الرابع 2026 | – | – |
آراء الخبراء الاقتصاديين ومستقبل الجنيه
تتعدد الرؤى بين الخبراء الاقتصاديين حول مدى استدامة التحسن في قيمة الجنيه المصري. يرى الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، أن التحركات الحالية لانخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه قد تكون مؤقتة ما لم تتدخل صفقة استثمارية كبرى أو تعديلات إجرائية قوية لتعزيز الجنيه بشكل دائم. على النقيض، كشف فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، عن توقعاته بحدوث تراجع تدريجي في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري خلال العام المالي 2025-2026 ليصل دون مستوى 40 جنيهًا. من جانبه، توقع الخبير الاقتصادي هاني جنينة أن يتحرك سعر الصرف نحو 47 جنيهًا خلال شهرين، مدفوعًا بالانخفاض الحاد في سعر صرف الدولار مقابل اليورو بعد ارتفاع احتمال خفض الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية.
التضخم وأسعار الفائدة: محركات رئيسية للاقتصاد
توقعت مؤسسة فيتش سوليوشنز أن يشهد معدل التضخم في مصر تراجعًا ملحوظًا بدءًا من عام 2025، بعد أن ارتفع بشدة بين عامي 2022 و2024 بسبب انخفاض قيمة العملة وتحديات العرض. ورجحت فيتش أن يبلغ متوسط التضخم 15.3% في عام 2025، منخفضًا من 28.3% في عام 2024. هذا التباطؤ في معدل التضخم من شأنه أن يتيح للبنك المركزي المصري مجالاً واسعًا لخفض سعر الفائدة الحقيقي، بهدف دعم نمو الاقتصاد وتحفيز الاستثمار. يستهدف البنك المركزي المصري النزول بمعدل التضخم إلى رقم أحادي يتراوح بين 5% و9% بنهاية الربع الرابع من عام 2026، مما يعكس التزامه بتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
جهود الإصلاح الاقتصادي وأثرها على الاستقرار
أكد نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي. ووصف كلارك الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة المصرية بأنها جديرة بالثقة وتدعم الاستقرار الاقتصادي الكلي، مما يعزز فرص استقرار الجنيه وربما تحسنه خلال الفترة المقبلة. ورغم هذه التصريحات الإيجابية من المؤسسات الدولية، إلا أن مصدرًا مصرفيًا أشار إلى أن ارتفاع إجمالي التزامات خدمة الدين إلى 27.4 مليار دولار قد يتسبب في ارتداد سعر الصرف قرب 50 جنيهًا، مما يعني أن الجنيه قد يشهد فترات من التراجع والارتفاع لحين استقرار الموارد بما يغطي الاحتياجات المالية للدولة.