توقعات مقلقة تتجدد.. أسواق المال العالمية تواجه شبح سيناريو 2000 مع تصاعد مخاوف انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي
تتزايد المخاوف في أسواق المال العالمية من انهيار وشيك في أسعار أسهم شركات التكنولوجيا، مدفوعة بتلاشي حماس الذكاء الاصطناعي. هذا السيناريو يعيد للأذهان انفجار فقاعة “الدوت كوم” عام 2000، وسط تحذيرات من تقييمات “جنونية” لبعض الشركات لم تحقق أرباحًا بعد. يسعى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتهدئة المخاوف بإشارات حول إمكانية خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد المتأثر.
مخاوف “فقاعة الذكاء الاصطناعي” تعصف بأسواق الأسهم
تشهد أسواق المال العالمية حالة من القلق المتزايد بشأن مستقبل أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، وسط تحذيرات من احتمالية حدوث انهيار كبير في الأسعار. يتوقع الخبراء أن يبدأ هذا التراجع بشكل بسيط قبل أن يتحول إلى هبوط حاد، خاصة مع بدء تراجع موجة الحماس الهائلة التي أحاطت بعجائب الذكاء الاصطناعي. بدأت أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية تشهد تراجعات ملحوظة في الأسابيع الأخيرة، وتشير التوقعات إلى أن الأرقام السلبية قد تصبح هي القاعدة السائدة قبل نهاية الشهر الحالي. يعيد هذا المشهد إلى الأذهان سيناريو عام 2000 وانفجار فقاعة “الدوت كوم”، وقد يكون مؤلمًا بنفس القدر، حيث قد يتخلى المستثمرون عن شركات بدت واعدة على الورق لكنها تحولت فجأة إلى عبء مالي ضخم.
“الفيدرالي” الأمريكي يسعى لتهدئة القلق بشأن استثمارات الذكاء الاصطناعي
في محاولة لتهدئة أعصاب المستثمرين والأسواق، تحدث جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، في الملتقى السنوي لمحافظي البنوك المركزية. أشار باول إلى أن “الفيدرالي” مستعد لتقديم الدعم للاقتصاد الذي يواجه حالة من عدم اليقين، وأعطى الأسواق إشارة واضحة إلى أن أسعار الفائدة قد تنخفض. من شأن هذا التوجه أن يخفف الضغط على الشركات المثقلة بالديون، خاصة تلك التي تعتمد على الاستثمارات الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي. يولي باول اهتمامًا خاصًا بأسواق الأسهم الآن، حيث يتم استثمار جزء كبير من معاشات التقاعد الشخصية في الولايات المتحدة مباشرة في شركات التكنولوجيا التي ضخت استثمارات هائلة في الذكاء الاصطناعي دون أن تحقق أي أرباح مادية حتى الآن.
95% من شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي لم تحقق عوائد مالية
جاءت الصدمة الأكبر من تقرير حديث صادر عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، والذي كشف أن نسبة مذهلة تصل إلى 95% من الشركات التي استثمرت في الذكاء الاصطناعي التوليدي لم ترَ أي عوائد مالية حتى الآن. تزامن هذا الكشف مع تحذير من سام ألتمان، رئيس شركة OpenAI (المالكة لـ ChatGPT)، الذي وصف تقييمات بعض الشركات في هذا القطاع بأنها “جنونية”. أدت هذه التصريحات القوية إلى موجة من عمليات البيع الحادة في الأسواق، حيث هوى سهم شركة Palantir بنسبة 10%، كما تراجعت أسهم شركات كبرى أخرى مثل Nvidia وArm وOracle وغيرها من الشركات المرتبطة بشكل وثيق بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
هل تصمد شركات التكنولوجيا الكبرى أمام تقلبات سوق الأسهم؟
على الرغم من هذه المؤشرات المقلقة التي تدفع للتفكير في سحب الاستثمارات، قد لا يكون قرار التخلي الكامل عن شركات الذكاء الاصطناعي حكيمًا. فالاستثمارات الضخمة من قبل عمالقة التكنولوجيا مثل جوجل وميتا ومايكروسوفت حقيقية وراسخة. وبدأت تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل “Copilot”، تترسخ بالفعل في بيئات العمل المكتبية وتؤدي مهامًا فعلية وملموسة. يشير هذا الاتجاه إلى احتمال حدوث “هبوط ناعم” لصناعة التكنولوجيا بشكل عام، حتى مع انهيار الشركات الأصغر والأكثر اعتمادًا على المضاربة. بل إن أي تراجع في السوق قد يمنح الشركات الكبرى فرصة ذهبية للاستحواذ على التقنيات الجديدة والواعدة من حطام الشركات الفاشلة وبأسعار زهيدة. فشركات مثل Palantir وNvidia، ورغم تقييماتها المرتفعة بشكل ملحوظ، من غير المرجح أن تفلس حتى في أسوأ الظروف والعواصف الاقتصادية.
الذكاء الاصطناعي: استثمار مستقبلي لا يمكن تجاهله
على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على البشرية على المدى الطويل في ظل غياب التنظيم الفعال، إلا أنه كفكرة استثمارية لا يمكن أن يختفي. فقد أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي والحديث، وسيظل كذلك بغض النظر عن تقلبات أسهم الشركات أو حدوث انهيار جزئي في السوق. الاستثمار في هذه التكنولوجيا يمثل رهانًا على المستقبل الذي بات الذكاء الاصطناعي يشكل فيه حجر الزاوية.