رسميًا: نهاية “الثقب الأسود”.. الكشف عن سر شبكة استغلال الأطفال تحت كوبري الجيزة

كشفت وزارة الداخلية المصرية عن شبكة لاستغلال الأطفال في التسول بمنطقة الجيزة، وذلك بعد إغلاق موقع سري أسفل أحد الكباري كان يُعرف باسم “الثقب الأسود”. جاء التحرك الأمني السريع بناءً على بلاغ من مبادرة “متطوعين أطفال مفقودة”، بقيادة الناشط رامي الجبالي، التي رصدت أنشطة مشبوهة داخل هذا المكان على مدار ثلاثة أشهر. أسفرت الحملة عن ضبط 20 شخصًا وإيداع الأطفال المتورطين في دور رعاية.

تفاصيل عملية “الثقب الأسود” في الجيزة

بدأت القصة قبل نحو ثلاثة أشهر عندما رصد فريق مبادرة “متطوعين أطفال مفقودة” بقيادة الناشط رامي الجبالي، موقعًا غامضًا أسفل أحد الكباري بمحافظة الجيزة. أطلق الفريق على هذا المكان اسم “الثقب الأسود”، وهو عبارة عن مساحة واسعة ذات مداخل ومخارج متعددة، وراودتهم الشكوك حول استغلاله في أنشطة غير مشروعة يشارك فيها أطفال قُصّر.

رصد الأنشطة المشبوهة واستغلال الأطفال

على مدار فترة المراقبة، وثقت كاميرات المتطوعين مشاهد مقلقة تشير إلى وجود أنشطة غير قانونية. كانت نساء وأطفال وفتيات صغيرات، بعضهن لا تتجاوز أعمارهن 12 عامًا، يدخلن ويخرجن من الموقع ليلًا ونهارًا. كما لوحظ توقف سيارات ودراجات نارية لتسليم أغراض، وعودة أطفال متسولين للمبيت داخل هذا المكان مع آخرين. المشهد كان يتكرر يوميًا حيث يخرج البعض صباحًا لشراء الطعام، وليلاً يعود العشرات ليناموا حتى الصباح، في دورة غامضة. وأشار الجبالي إلى أن الملاحظات شملت:

• دخول فتيات إلى المكان المغلق مع شباب في أوقات متأخرة.
• خروج فتيان بملابس غير متناسبة مع طبيعة المكان أو الزمان، ما يوحي بإقامتهم لفترات طويلة.
• وجود كميات كبيرة من المياه يتم إدخالها يوميًا، مما يدل على وجود إقامة دائمة داخل الموقع.

بلاغ رسمي وتحرك أمني عاجل

بعد التأكد من خطورة الوضع وما يمثله من تهديد للأطفال، تقدم الناشط رامي الجبالي ببلاغ للجهات الأمنية، مطالبًا باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه هذا المكان المجهول والأشخاص المشتبه فيهم. تفاعل وزارة الداخلية كان سريعًا، حيث تواصلت الأجهزة الأمنية مع الجبالي في الفجر للاستفسار عن الموقع بعد ساعات قليلة من نشره تفاصيل الملاحظات. وفي صباح اليوم التالي، بدأت مختلف الأجهزة الأمنية المعنية، بما في ذلك إدارة مكافحة الآداب والأحداث ومكتب مدير أمن الجيزة، بالتنسيق لتقدير حجم الحملة الأمنية المطلوبة لضمان فاعليتها.

تفاصيل الضبطيات والإجراءات المتخذة

كشفت وزارة الداخلية عن ملابسات القصة، حيث تبيّن بالفحص أن الموقع يقع بدائرة قسم الأهرام. نجحت القوات الأمنية في ضبط 20 شخصًا داخل المكان، وتفاصيلهم كالتالي:

• 8 سيدات.
• 5 أطفال.
• 7 أشخاص لهم معلومات جنائية مسجلة.

كما تم العثور بحوزة 9 من المقبوض عليهم على أسلحة بيضاء. تبيّن أن المتهمين كانوا يستغلون الأطفال في التسول واستجداء المارة وبيع سلع بطريقة إلحاحية. اتُخذت الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم، وتم إغلاق الفتحة محل الواقعة بالكامل. جرى إيداع الأطفال الذين تم إنقاذهم في إحدى دور الرعاية لتوفير الحماية والدعم اللازمين لهم.

دور حي الهرم ومحافظة الجيزة في إغلاق الموقع

بتوجيهات من محافظة الجيزة، قام حي الهرم بغلق كافة الفتحات المشار إليها ومراجعة باقي المسار بطول الكوبري. كما تم تكليف مسئول القطاع بالمرور الدوري والتفتيش المستمر للتأكد من عدم إعادة فتح هذه المواقع المشبوهة مجددًا، لضمان عدم تكرار مثل هذه الممارسات التي تهدد أمن وسلامة الأطفال.

أهمية اليقظة المجتمعية في حماية الأطفال

تبرز قضية “الثقب الأسود” الأهمية القصوى لليقظة المجتمعية ودور المبادرات التطوعية الفاعلة في رصد وكشف الظواهر الخطيرة التي تهدد الأطفال والمجتمع. يؤكد الناشط رامي الجبالي أن فريق “متطوعين أطفال مفقودة” يعمل منذ عشر سنوات على رصد وتصوير المتسولين الذين يستخدمون الأطفال، بهدف مطابقة صور هؤلاء الأطفال مع قاعدة بيانات لديهم، تحسبًا لأن يكون بعضهم مخطوفين أو هاربين من أسرهم. هذا التعاون بين المجتمع المدني والجهات الأمنية يعد نموذجًا يحتذى به في حماية الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.