مفترق طرق.. خبير اقتصادي يوضح أيهما أفضل للبنك المركزي: خفض الفائدة أم تثبيتها؟ وماذا يعني ذلك للأسعار؟
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أنيس أن اجتماعات البنك المركزي المصري تسير وفق استراتيجية واضحة منذ أبريل الماضي، شهدت خفضًا إجماليًا في أسعار الفائدة بنسبة 3%. ومع وجود فرصة لخفض إضافي بنحو 2% حاليًا، يؤكد أن القرار الأمثل يتطلب ترقبًا لامتصاص تداعيات الإصلاحات المالية الحكومية المرتقبة، رغم تراجع معدلات التضخم السنوية.
استراتيجية البنك المركزي المصري لخفض أسعار الفائدة
كشف الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، عن متابعة البنك المركزي المصري لاستراتيجية واضحة بدأت منذ أبريل الماضي، والتي فتحت المجال لخفض أسعار الفائدة. وقد تم بالفعل خفض إجمالي بلغ نحو ثلاثة بالمئة في اجتماعي أبريل ومايو الماضيين، وهو ما جاء أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى إمكانية وصول الخفض إلى خمسة بالمئة. وأوضح أنيس أن هناك فرصة قائمة حاليًا لخفض أسعار الفائدة بنحو اثنين بالمئة في الاجتماع المرتقب للبنك المركزي، إلا أن هذا القرار مرهون بمدى ملاءمة الظروف الاقتصادية والتوقيت المناسب لتحقيقه.
التضخم: عامل حاسم في قرارات الفائدة بالبنك المركزي
وفي سياق متصل، أشار الدكتور أنيس إلى أن قراءة معدل التضخم السنوي سجلت تراجعًا ملحوظًا خلال الشهرين الماضيين، حيث وصلت إلى نحو أربعة عشر بالمئة. ورغم هذا التحسن في التضخم السنوي، فقد حقق التضخم الشهري في آخر قراءة أعلى معدل ارتفاع له، مما يمثل إشارة قوية على استمرار وجود بعض الضغوط السعرية في السوق المحلي. وهذا التباين بين التضخم السنوي والشهري يجعل صانعي القرار في البنك المركزي في وضع يتطلب تقييمًا دقيقًا قبل اتخاذ أي خطوات مستقبلية بشأن أسعار الفائدة.
تأثير الإصلاحات المالية الحكومية المرتقبة على الاقتصاد
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الحكومة المصرية تستعد لتطبيق قرارات إصلاح مالي حتمية خلال الأشهر القليلة المقبلة، ومن المتوقع أن تشمل هذه القرارات رفع أسعار المحروقات والكهرباء، بالإضافة إلى زيادة أسعار الغاز الصناعي. وحذر من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى إثارة موجة جديدة من الضغوط التضخمية في السوق، مما يستلزم على البنك المركزي الانتظار لامتصاص أثر هذه القرارات وتقييم تداعياتها الكاملة على مستويات التضخم قبل معاودة سياسة خفض أسعار الفائدة. هذا التمهل ضروري لضمان استقرار الأسعار وتقليل أي صدمات اقتصادية محتملة.
تثبيت أسعار الفائدة: الخيار الأفضل لتعزيز الاستقرار الاقتصادي
وأكد الدكتور أنيس أنه حتى لو قرر البنك المركزي استغلال استقرار تدفقات النقد الأجنبي، بالإضافة إلى احتمال خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة في سبتمبر المقبل، وعجل بخفض الفائدة في اجتماع أغسطس الحالي، فإن هذا القرار لن يكون خاطئًا بالضرورة. ومع ذلك، شدد على أن الخيار الأفضل يتمثل في التثبيت الحالي لأسعار الفائدة، وانتظار نهاية العام.
وقال أنيس إن هذا الانتظار سيتيح للبنك المركزي الفرصة لمتابعة عدة تطورات مهمة، منها:
- تمرير الإصلاحات المالية الحكومية التي تشمل رفع أسعار المحروقات والكهرباء والغاز الصناعي.
- استكمال المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي، وهما خطوتان حاسمتان لتعزيز الثقة بالاقتصاد المصري.
وبعد انتهاء هذه المرحلة، يمكن للبنك المركزي العودة إلى سياسة خفض أسعار الفائدة في آخر اجتماعات عام 2025، مما يضمن اتخاذ قرار مستنير يعزز الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل ويخدم أهداف التنمية الاقتصادية في مصر.