حققت مصر إنجازًا صحيًا غير مسبوق على مستوى المنطقة، بعدما أعلنت وزارة الصحة والسكان عن سيطرتها التامة على فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي “بي”. هذا النجاح الباهر يضع مصر في مقدمة دول إقليم شرق المتوسط كأول دولة تصل إلى هذا الهدف الإقليمي الهام، مما يعكس جهودًا مضنية واستراتيجيات فعالة على مدار عقود.
مصر تتصدر الإقليم في مكافحة الكبد الوبائي “بي”: قصة نجاح عالمية
صرح الدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان، بأن منظومة الترصد الوبائي في مصر تعمل بكفاءة عالية، حيث تتلقى سنويًا ما يزيد على 43 ألف بلاغ عن حالات مشتبه بإصابتها. يتم التحقق من هذه البلاغات بدقة على أرض الواقع، سواء تأكدت الإصابة أم لا، ما يؤكد قوة وكفاءة نظام المراقبة الصحية والاستجابة السريعة في البلاد. هذا الإنجاز جاء خلال احتفال نظمته وزارة الصحة والسكان، حيث تم تكريم هذا النجاح التاريخي الذي يمثل نموذجًا يُحتذى به في المنطقة والعالم.
رحلة مصر الطويلة للسيطرة على الفيروس: عقود من الجهد المتواصل
لم يكن هذا الإنجاز وليد الصدفة، فقد بدأت مصر جهودها لمكافحة فيروس “بي” مبكرًا جدًا، تحديدًا منذ عام 1992. في ذلك العام، تم إدراج تطعيم فيروس “بي” ضمن برنامج التطعيمات الأساسية للأطفال، وهو ما كان خطوة استباقية مهمة. وفي عام 2015، تم تعزيز هذا البرنامج بإضافة الجرعة الصفرية عند الولادة، لضمان حماية أكبر للأطفال حديثي الولادة. ولم يقتصر الأمر على التطعيمات، بل شمل أيضًا التطبيق الصارم لإجراءات مكافحة العدوى داخل جميع المنشآت الصحية، للحد من انتشار الفيروس.
انخفاض تاريخي: الأرقام تؤكد نجاح استراتيجية الوقاية من فيروس بي
تؤكد الأرقام الرسمية حجم هذا النجاح الهائل. ففي عام 2008، كانت نسبة الإصابة بفيروس “بي” تبلغ حوالي 12%. لكن بفضل الجهود المكثفة، أظهر المسح القومي لعام 2023 أن معدل انتشار الفيروس بين الأطفال دون سن الخامسة انخفض إلى أقل من 0.1%. هذا الرقم المذهل لا يمثل فقط انخفاضًا كبيرًا، بل يتجاوز بكثير الهدف الإقليمي الذي حددته منظمة الصحة العالمية، والذي كان يطمح إلى خفض نسبة الإصابة إلى 1% فقط. هذا الإنجاز يعكس التزام مصر بالصحة العامة وقدرتها على تحقيق أهداف طموحة.
لماذا نجحت مصر؟ عوامل أساسية في مكافحة الأمراض المعدية
يشدد الدكتور قنديل على أن هذا النجاح يعود بشكل مباشر إلى عدة عوامل متكاملة. على رأسها، الالتزام السياسي القوي والدعم الفني المستمر من الدولة. كما كان للتوسع في برامج التطعيمات دور حاسم، بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة الوقاية في المجتمع. هذه الركائز مجتمعة جعلت التجربة المصرية نموذجًا يُحتذى به في مكافحة الأمراض المعدية، ليس فقط على مستوى الإقليم بل ربما على مستوى العالم أجمع.