مستقبل القضية الفلسطينية على المحك: خبراء يحذرون من تداعيات خطيرة لاحتلال إسرائيل للقطاع ودور الدعم الأمريكي

منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إسرائيل موافقة ضمنية للمضي قدمًا في خططها لاحتلال قطاع غزة، متجاهلًا الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يواجهها سكان القطاع. يأتي هذا الموقف في ظل تراجع تل أبيب عن مقترح لوقف إطلاق النار كانت قد وافقت عليه سابقًا، بينما قبلت به حركة حماس مؤخرًا، ما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه الخطوة التصعيدية وتداعياتها الكارثية.

الضوء الأخضر الأمريكي وتداعيات احتلال غزة

برر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بأن الاحتلال الشامل لغزة سيضمن أمن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس. لكن هذا التبرير يتناقض بشكل صارخ مع التحذيرات الصادرة عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية نفسها، وكذلك المقاومة الفلسطينية، من أن مثل هذه المغامرة العسكرية قد تؤدي إلى مقتل المحتجزين، كما حدث في حوادث سابقة بنيران إسرائيلية. يثير هذا المشهد المتأزم سؤالاً جوهريًا: إذا كان الهدف المعلن هو “إعادة المحتجزين”، فلماذا تجاهلت الولايات المتحدة وإسرائيل خيار التفاوض الذي كان سيضمن استعادة ما لا يقل عن نصف الأسرى في المرحلة الأولى، سواء أحياء أو جثامين؟ هذا التجاهل يكشف أن التفويض المطلق الذي منحه الرئيس الأمريكي يتجاوز قضية الأسرى ليخدم أجندة سياسية وعسكرية أوسع، تضع غزة وحدها في مواجهة الثمن الأكبر. يؤكد خبراء أن هذا الموقف الأمريكي يمثل غطاء خطيرًا للمخططات الإسرائيلية، محذرين من التداعيات الوخيمة للمضي قدمًا في مشروع احتلال القطاع، ليس فقط على القضية الفلسطينية، بل على الأمن الإقليمي برمته، ما ينذر بانفجار واسع النطاق.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 يكشف عن اليوم المنتظر

خطة الاجتياح الإسرائيلي ومخاطر التهجير القسري

من جانبه، يتوقع الدكتور نزار نزال، المحلل السياسي الفلسطيني، أن تشهد المرحلة المقبلة في قطاع غزة تصعيدًا كبيرًا يتضمن دخانًا ونارًا، واجتياحًا عسكريًا إسرائيليًا تدريجيًا. أوضح نزال أن هذه الخطط، التي وضعتها هيئة الأركان الإسرائيلية، تقوم على تقطيع مدينة غزة والمخيمات المحيطة بها إلى مساحات جغرافية صغيرة للسيطرة عليها شيئًا فشيئًا. وشدد على أن إسرائيل لا تسعى إلى حل الصراع، بل إلى حسمه وفرض واقع جديد بالقوة، مما يجعل هذه المرحلة مرحلة نار بامتياز.

يرتبط هذا التصعيد ارتباطًا وثيقًا بملف التهجير القسري، الذي يُعد الهدف المركزي وراء أي اجتياح شامل واحتلال عسكري مباشر. وأشار نزال إلى أن كل من:

اقرأ أيضًا: بعد مصرع 7 طلاب.. قرارات حاسمة من النيابة في حادث غرق أبو تلات

  • فتح الممرات الآمنة
  • القصف العشوائي
  • التدمير المنهجي للمناطق السكنية

جميعها وسائل تهدف إلى تهجير السكان من داخل قطاع غزة، إما عبر البحر أو من خلال مطار رامون، وإن تعذر ذلك فإلى سيناء. وأكد أن ما يجري حاليًا وما سيحدث في الأسابيع القادمة مرتبط بشكل كامل بخطط تهجير الفلسطينيين من غزة.

تهديد وجودي للقضية الفلسطينية والأمن الإقليمي

في السياق ذاته، يحذر الدكتور مختار غباشي، الخبير السياسي والاستراتيجي، من الخطورة البالغة للمخطط الإسرائيلي الرامي إلى احتلال قطاع غزة، مؤكدًا أن هذا التحرك يهدد بتصفية القضية الفلسطينية برمتها ويدفع نحو مزيد من التصعيد في الشرق الأوسط. شدد غباشي على أن خطورة ما يجري لا تقتصر على إعادة احتلال غزة وتثبيت الوجود الإسرائيلي فيها، بل تمتد لتضييع القضية الفلسطينية وإنهاء أي أمل في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وحذر من أن استمرار هذا الوضع ينذر بمخاطر كبيرة على دول الشرق الأوسط التي تلتزم الصمت حيال ما يحدث.

اقرأ أيضًا: بدء الإجراءات رسميًا.. جامعة أسيوط الأهلية تستقبل الطلاب الجدد لإنهاء القيد والتسجيل

ولفت غباشي إلى أن إصرار حركات المقاومة، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، بالإضافة إلى الفصائل الفلسطينية، على مواجهة إسرائيل، يعكس أن المشهد الإقليمي يتجه نحو مزيد من التصعيد والانفجار. وأشار إلى أن هذا التصعيد يتفاقم مع استمرار الضربات الإسرائيلية على جنوب لبنان، وعدم وجود خيار أمام الفلسطينيين سوى الدفاع عن أرضهم أو الموت.

الموقف الأمريكي: دعم أعمى يستدعي مراجعة العلاقات

بشأن الموقف الأمريكي، أوضح الدكتور نزار نزال أنه موقف “مطاطي” لا يعكس الحقيقة الكاملة، فالولايات المتحدة تعد شريكًا كاملاً في هذا المشروع حتى النهاية. وأضاف أن قبول حركة حماس بالمقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار قد أحرج إسرائيل، لكن رد الفعل الإسرائيلي لم يأتِ أصلًا، حيث لم يعبأ نتنياهو بالوسطاء ولا بالمجتمع الدولي، ومضى قدمًا في حربه. ويرى نزال أن التعامل مع ملف غزة لم يعد بالنسبة لإسرائيل مسألة أمنية، بل قضية وجودية، مما غير طبيعة المواجهة. وبرأيه، فإن الوضوح في الموقف الإسرائيلي اليوم يؤكد أن قبول حماس أو رفضها لا يغير شيئًا، فإسرائيل ماضية نحو الاجتياح وإخضاع السكان الفلسطينيين للاحتلال العسكري المباشر، وما يصاحبه من تدمير وقتل، ولن يتوقف الأمر عند حدود غزة.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. تقليل الاغتراب بين الكليات وتحذير هام للطلاب من الإعلانات الوهمية

من جانبه، قال الدكتور مختار غباشي إن الدعم الأمريكي الأعمى لإسرائيل في عدوانها على غزة يكشف عن خلل عميق في طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي. وشدد على أن هذه العلاقات باتت بحاجة إلى مراجعة جادة من قبل الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وأضاف أن الولايات المتحدة لا تقدر حجم وقيمة علاقاتها بالعالم العربي والإسلامي، بل تتعامل معها بقدر من الإهانة، موضحًا أن قضيتي غزة والقدس ليستا شأنًا فلسطينيًا داخليًا فقط، بل مسؤولية عربية وإسلامية في المقام الأول.

وأشار الخبير السياسي إلى أن أمريكا وإسرائيل تجاوزتا حدود الأدب السياسي في ظل غياب القدرة أو الرغبة لدى الدول العربية والإسلامية لاتخاذ مواقف حاسمة تجاههما. ولفت إلى أن المقررة الأممية الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، كانت قد أكدت أن مجرد تهديد بعض الدول العربية بقطع العلاقات مع واشنطن وتل أبيب كان كفيلًا بوقف المجازر في غزة، لكن ذلك لم يحدث للأسف. وتابع غباشي أن بيانات العالم العربي والإسلامي لا ترقى إلى مستوى بعض المواقف الأوروبية، مستشهدًا باستقالة ثمانية وزراء في هولندا، منهم وزير الخارجية، احتجاجًا على عدم فرض عقوبات على إسرائيل، بينما لم يجرؤ أي بلد عربي على اتخاذ خطوة مشابهة أو حتى التلويح بها. وأكد غباشي أن التقاعس العربي والإسلامي بلغ حد الفشل في إدخال المساعدات الإنسانية والدوائية لمليوني فلسطيني يتضورون جوعًا في غزة، في وقت يواصل فيه المسؤولون الأمريكيون، وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب، دعمهم المطلق لإسرائيل بلا أي رادع.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر سبتمبر 2025 وتفاصيل الصرف الكاملة