وثائق تكشف سر الفخ.. لماذا دفع الزمالك عقد باتشيكو كاملاً رغم وجود شرط جزائي؟
كشف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” في تقريره السنوي لعام 2024 عن حكم المحكمة الرياضية الدولية “كاس” الصادر لصالح المدرب البرتغالي جيمي باتشيكو ضد نادي الزمالك المصري. أشار التقرير إلى أن النادي فسخ عقد المدرب دون سبب عادل، وهو ما ترتب عليه إلزام الزمالك بدفع تعويضات مالية كبيرة لباتشيكو بناءً على أحكام القانون السويسري. هذا الحكم يمثل سابقة مهمة في قضايا فسخ العقود بالوسط الرياضي.
الفيفا يستشهد بقضية الزمالك وباتشيكو في تقريره السنوي
اعتبر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” قضية فسخ عقد نادي الزمالك مع مدربه البرتغالي جيمي باتشيكو مثالاً بارزًا في تقريره السنوي الخاص بقضايا المحكمة الرياضية الدولية “كاس” المتعلقة بكرة القدم لعام 2024. وقد حصل باتشيكو على حكم بتاريخ 31 أكتوبر 2024 يلزم الزمالك بالتعويض، وذلك بعد رحيله عن تدريب الفريق في عام 2021. أكدت هيئة التحكيم في “كاس” استنتاج غرفة فض المنازعات بأن النادي لم يقدم أدلة كافية لإثبات وجود “سبب رياضي عادل” لإنهاء العقد، حيث اكتفى الزمالك بالاستناد إلى “الأزمات الداخلية والإصلاحات التنظيمية بالنادي” كدوافع للفسخ.
تفاصيل الحكم: القانون السويسري يلغي بند الشرط الجزائي
ركز تقرير الفيفا على الأسباب التي أدت إلى الحكم لصالح المدرب باتشيكو، والتي تدور بشكل أساسي حول أحقية النادي في إنهاء العقد من طرف واحد ودون سبب عادل. وقد خلصت هيئة التحكيم إلى أن النادي لم يلبِ عبء الإثبات لإثبات وجود سبب عادل لإنهاء عقد العمل. وبالتالي، كان من حق المدرب الحصول على تعويض عن إنهاء النادي للعقد دون مبرر. قامت الهيئة بتحليل ما إذا كان باتشيكو يحق له الحصول على تعويض بموجب البند الخامس من عقد العمل أو وفقًا للمادة 337c(1) من القانون السويسري للالتزامات (SCO). وخلصت إلى أن التعويض مستحق بموجب القانون السويسري وليس البند التعاقدي، وذلك للأسباب التالية:
- تسود أحكام القانون السويسري الآمرة: تنص المادة 337c فقرة 1 من القانون السويسري على أن التعويض يجب أن يعادل القيمة المتبقية للعقد في حالات الإنهاء غير المبرر من قبل صاحب العمل. كما تنص المادتان 341 فقرة 1 و362 من القانون ذاته على أن الموظفين لا يمكنهم التنازل عن المطالبات بموجب الأحكام الآمرة، مما يجعل البند الخامس من عقد العمل غير صالح لأنه ينتقص من حقوق الموظف.
- البند التعاقدي حدد تعويضًا غير كافٍ: اعتُبر البند الخامس من عقد العمل غير صالح لأنه حدد التعويض بمبلغ 204,000 يورو فقط، وهو ما يعادل حوالي شهرين من الراتب. هذا المبلغ أقل بكثير من القيمة المتبقية للعقد المطلوبة بموجب المادة 337c من القانون السويسري، وقد اعتبر هذا البند مقيدًا لحقوق المستأنف بموجب الحماية العمالية الآمرة.
- عدم قدرة المدرب على تخفيف الأضرار: لم يتمكن باتشيكو من تخفيف الأضرار بفعالية بسبب إنهاء العقد في منتصف الموسم وعدم وجود فرص مماثلة للعمل. ووجدت الهيئة أنه لا يوجد سوء نية من جانب المدرب في محاولاته للحصول على عمل بديل.
كيف تم حساب تعويض المدرب جيمي باتشيكو؟
تم تحديد التعويض المستحق للمدرب البرتغالي جيمي باتشيكو بناءً على قيمة العقد المتبقية، بالإضافة إلى مستحقات أخرى. وفيما يلي تفاصيل مكونات التعويض:
البند | المبلغ (يورو) | ملاحظات |
تعويض فسخ العقد (القيمة المتبقية للعقد) | 469,200 | يمثل الأجر الثابت للمدة المتبقية من العقد. |
مستحقات غير مدفوعة (قرار غرفة فض المنازعات) | 244,800 | لم تكن محل نزاع بين الطرفين، وتم تأكيدها سابقًا. |
مكافأة الفوز بالدوري المصري (50%) | 102,000 | منحت نظراً لمساهمات المدرب قبل إنهاء العقد. |
فائدة سنوية | 5% | تطبق اعتباراً من تاريخ إنهاء العقد (12 مارس 2021) على مبلغ التعويض. |
مكافآت الأداء: الدوري المصري ومساهمة باتشيكو
إضافة إلى التعويضات الأساسية، طالب المدرب باتشيكو بمكافآت لتحقيق أهداف رياضية محددة بموجب البند 6.2 من عقد عمله. المكافآت عن المباريات التي لُعبت في فترات سابقة خلال يناير ومارس 2021 استُبعدت من النزاع، حيث اتفق الطرفان على أنها مستحقة وغير مدفوعة. فيما يتعلق بالمكافآت عن الإنجازات المستقبلية، جادل باتشيكو بأن إقالته منعته من استيفاء شروط الحصول على مكافآت إضافية، مستندًا إلى القانون السويسري. ومع ذلك، لم تجد الهيئة أي دليل قوي على سوء نية من جانب النادي في هذا الصدد. بناءً على ذلك، منحت الهيئة المدرب 50% من المكافأة المتفق عليها عن الفوز بالدوري المصري، والتي بلغت 102,000 يورو، تقديرًا لمساهماته قبل تاريخ إنهاء العقد.
درس من قضية باتشيكو والزمالك للأندية والمدربين
تُظهر قضية المدرب جيمي باتشيكو ونادي الزمالك أهمية فهم الأندية والمدربين للقوانين الدولية المنظمة للعقود، خاصة القانون السويسري الذي يُعتبر المرجع في قضايا المحكمة الرياضية الدولية “كاس”. فقد رأت المحكمة أن المدرب يحق له الحصول على القيمة الكاملة المتبقية من عقده في حالة فسخه من طرف واحد، ولا يمتلك الحق في التنازل عن ذلك حتى من خلال البنود التعاقدية المبرمة مع النادي. يشير هذا الأمر إلى أن بند الشرط الجزائي المحدد بمبلغ يقل عن القيمة الإجمالية المتبقية من عقد المدير الفني قد يكون دائمًا في غير مصلحة النادي إذا لجأ المدرب لاحقًا إلى المحكمة الرياضية الدولية، وذلك كونه يتعارض مع الأحكام الآمرة في القانون السويسري الذي يمنح المدربين حماية عمالية أوسع.