من قلب «نجريج».. زهور الياسمين تسبق «مو صلاح» إلى أوروبا وتُصدر لصناعة العطور الفاخرة عالميًا
تُعد قرى محافظة الغربية، وبالأخص نجريج وشبرا بلولة، قلاعًا عالمية في زراعة وإنتاج الياسمين الذي يُعد مكونًا أساسيًا للعطور العالمية، حيث تساهم بـ 70% من إنتاج مصر من الزيت العطري. شهدت هذه القرى مؤخرًا جهودًا حكومية مكثفة لحل أزمة تسعير محصول الياسمين، مما أدى إلى تثبيت سعر التوريد عند 105 جنيهات للكيلو، بهدف ضمان استقرار دخل المزارعين ودعم هذه الصناعة الحيوية.
الغربية: قلب صناعة الياسمين العالمية
تتصدر قرى محافظة الغربية، مثل شبرا بلولة بمركز قطور ونجريج بمركز بسيون (مسقط رأس اللاعب محمد صلاح)، المشهد العالمي في زراعة وإنتاج الياسمين. تساهم هذه القرى بنسبة كبيرة من الإنتاج المصري من الزيت العطري الذي يُصدر للخارج ويُعتمد عليه في صناعة العطور الفاخرة حول العالم. وتتميز شبرا بلولة باتساع المساحة المزروعة بالياسمين واحتوائها على مصانع متطورة لاستخلاص الزيوت العطرية بأعلى معايير الجودة العالمية، فيما تليها قرية نجريج في الأهمية والإنتاج.
حجم الإنتاج والأهمية الاقتصادية لزيت الياسمين
وفقًا لبيانات الاتحاد الدولي لمصنعي العطور، تنتج مصر سنويًا نحو 6 أطنان من عجينة الياسمين. يأتي 70% من هذا الإنتاج من محافظة الغربية وحدها، تحديدًا من قريتي شبرا بلولة ونجريج. يتحول كل طن من عجينة الياسمين إلى ما لا يقل عن نصف طن من زيت الياسمين الخام، وهو ما يمثل قيمة اقتصادية وتصديرية هائلة. يوفر قطاع زراعة وحصاد الياسمين فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لنحو 50 ألف عامل في قرية نجريج وحدها. وبحسب أصحاب المصانع، تدر حقول الياسمين في قريتي نجريج وشبرا بلولة عائدات سنوية تتجاوز 10 ملايين دولار تقريبًا، حيث يُصدر كامل إنتاجهما إلى الأسواق الخارجية.
موسم حصاد الياسمين: تحديات وعناية فائقة
يبدأ حصاد محصول الياسمين، وهو من أغلى المحاصيل الزراعية، مع بداية فصل الصيف في شهر يونيو ويستمر حتى شهر ديسمبر. يعمل العمال المزارعون في جمع زهور الياسمين من الحقول في الساعات الأولى من الصباح الباكر، بعيدًا عن حرارة الشمس المرتفعة، وبالاستفادة من قطرات الندى التي تساعدهم في جمع الزهور الرقيقة. ويُعتبر أفضل وقت للحصاد هو الفترة الزمنية بين منتصف الليل وشروق الشمس، حيث تُنقل الزهور المقطوفة فورًا إلى المصانع المخصصة لذلك نظرًا لحساسية زهرة الياسمين.
يُمكن تلخيص مراحل حصاد وتوريد الياسمين في الخطوات التالية:
- يبدأ العمال بجمع زهور الياسمين يدويًا في الساعات الأولى من الصباح الباكر.
- يُنقل المحصول المجمع إلى “الجمعية” وهو مصطلح يُطلق على التاجر المتواجد بجوار الحقول.
- يقوم التاجر بشراء المحصول من المزارعين بعد وزنه باستخدام أقفاص جيدة التهوية للحفاظ على الزهور.
- يتولى التاجر بعد ذلك نقل زهور الياسمين إلى المصانع، التي تقع عادةً في قرية شبرا بلولة، لاستخلاص الزيوت العطرية.
تصل إنتاجية الفدان الواحد من الياسمين إلى 5 أطنان، وتصل دورة حياة شجرة الياسمين إلى 50 عامًا. وبعد كل موسم حصاد، يقوم المزارعون بتقليم الأشجار وقص الفروع لضمان تجدد إنتاجها في المواسم اللاحقة.
أزمة تسعير الياسمين وجهود الحل
كانت زراعة الياسمين تواجه تحديات تتعلق بأسعار التوريد، حيث كانت الأسعار غير مرضية للمزارعين مقارنة بجهدهم وتكلفة الإنتاج. اشتكى المزارعون من أن حصيلة عمل الليل بأكمله لجمع كيلوغرام ونصف أو كيلوغرامين بالكاد تكفي لتوفير مبلغ بسيط لأسرهم. تدخلت السلطات المحلية ممثلة في محافظ الغربية اللواء أشرف الجندي، ووكيل وزارة الزراعة المهندس عبد السلام البغدادي، لحل هذه الأزمة. وبعد مفاوضات واجتماعات مع كبار المزارعين وأصحاب المصانع، تم تثبيت سعر توريد الكيلو الواحد من زهور الياسمين عند 105 جنيهات.
يوضح الجدول التالي تفاصيل توزيع سعر الكيلو بعد الاتفاق:
البيان | القيمة (جنيه مصري) |
سعر توريد الكيلو للمصانع | 105 |
نصيب المزارع (من إجمالي 105 جنيه) | 65 |
نصيب صاحب الأرض (من إجمالي 105 جنيه) | 40 |
هذا القرار أعاد الطمأنينة للمزارعين وضمن استمرار حركة التوريد بشكل منتظم، محققًا التوازن المطلوب بين المزارعين وأصحاب المصانع.
الدعم الحكومي واستدامة محصول الياسمين
أكد اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، أن المحافظة لن تدخر جهدًا في دعم مزارعيها، مؤكدًا أن استقرار هذا النشاط الاقتصادي يمثل مسؤولية مشتركة تحرص الدولة على تحقيقها. وأشار إلى أن الفلاح هو عماد الإنتاج الزراعي، وأن الغربية ستظل دائمًا داعمة لكل المزارعين والقرى المنتجة والمحاصيل المتخصصة التي تعكس قوة الاقتصاد الزراعي بالمحافظة. من جانبه، أكد المهندس عبد السلام البغدادي، وكيل وزارة الزراعة بالغربية، على التنسيق المستمر بين وزارة الزراعة والمحافظة لمتابعة عملية التوريد ميدانيًا وتوفير الدعم الفني والإرشادي، بالإضافة إلى توفير المبيدات الزراعية اللازمة. تهدف هذه الجهود إلى الحفاظ على مكانة قريتي شبرا بلولة ونجريج كقلاع زراعية متخصصة، وضمان استدامة هذا المحصول العطري الذي يمثل قيمة اقتصادية وتصديرية مهمة لمحافظة الغربية ولمصر بشكل عام.