قفزة جديدة.. الليرة السورية تواصل الانهيار بشكل غير مسبوق | هل ساهمت زيادة الرواتب في هذا التدهور؟

شهدت الليرة السورية تدهورًا ملحوظًا في قيمتها، حيث تجاوز سعر صرفها 11 ألف ليرة مقابل الدولار الأمريكي في السوق الموازية، مع توقعات بوصولها إلى 12 ألفًا قريبًا. يعكس هذا التراجع السريع عمق الأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد، ويرتبط أيضًا بقرارات حكومية حديثة، أبرزها رفع الرواتب بنسبة 200%، مما يثير تساؤلات حول قدرة العملة الوطنية على استعادة استقرارها.

تداعيات زيادة الرواتب على استقرار الليرة السورية

يُجمع خبراء الاقتصاد على أن تراجع الليرة السورية لم يكن مفاجئًا، بل ارتبط بشكل مباشر بقرار رفع الرواتب للموظفين والمتقاعدين. يشير الخبير الاقتصادي حبيب غانم إلى أن هذه الزيادة، رغم أهميتها الاجتماعية، أدت إلى ضخ كتلة نقدية كبيرة في السوق دون أن يقابلها أي غطاء إنتاجي حقيقي. هذا الأمر خلق ضغطًا إضافيًا على العملة الوطنية.

اقرأ أيضًا: انهيار مفاجئ.. أسعار الذهب تهبط في تونس اليوم الثلاثاء 12-8

وتتفاقم الأزمة بفعل عدة عوامل رئيسية:

  • تراكمات الأزمة الاقتصادية الطويلة جراء الحرب والعقوبات الدولية.
  • غياب الإنتاج الحقيقي الذي يدعم العملة المحلية ويعزز الاكتفاء الذاتي.
  • قرارات حكومية حديثة مثل رفع الرواتب بنسبة 200%، التي ضخت كتلة نقدية بلا غطاء إنتاجي.
  • العجز المستمر في الميزان التجاري، حيث تفيد أرقام رسمية بدخول 1800 شاحنة بضائع تركية إلى سوريا مقابل خروج 150 شاحنة فقط من الصادرات السورية، مما يعكس استنزافًا متواصلًا للاحتياطي الأجنبي.

تصاعد التضخم وتآكل القوة الشرائية للمواطن السوري

يرى الخبير الاقتصادي حسن ديب أن تأثير زيادة الرواتب انعكس سريعًا على ارتفاع معدلات التضخم وغلاء أسعار السلع الأساسية. وقد أصبحت هذه الزيادة “بلا معنى” في ظل غياب الرقابة الفعالة على الأسواق واستمرار القفزات اليومية في الأسعار، مما يقلل من القوة الشرائية للمواطنين. ويحذر ديب من أن سعر الصرف قد يشهد مزيدًا من الانهيار ما لم تتبنى الحكومة سياسة اقتصادية متوازنة، تعمل على ردم الفجوة الكبيرة بين ما تستورده البلاد بكميات ضخمة وما تصدره بكميات ضئيلة.

اقرأ أيضًا: تراجع كبير.. أسعار الفراخ البيضاء وكرتونة البيض تهبط بالأسواق | مفاجأة في سعر الكيلو

غموض المشهد السياسي وتأثيره على الاقتصاد السوري

تتزامن الأزمة النقدية الحالية مع حالة من الغموض الذي يكتنف المشهد السياسي في سوريا، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل العقوبات الغربية المفروضة على البلاد. وعلى الرغم من الحديث الدائر عن مراجعة أمريكية محتملة لسياسة العقوبات، إلا أن عودة ملف حقوق الإنسان والأقليات إلى الواجهة قد يعرقل أي انفراج اقتصادي حقيقي أو تدفق استثمارات أجنبية، والتي يحتاجها السوق السوري بشدة لتنشيط قطاعاته المختلفة.

آفاق إصدار عملة سورية جديدة بدعم روسي

في خطوة محتملة لمحاولة استعادة الثقة بالعملة السورية المتدهورة، كشفت وكالة رويترز نقلًا عن سبعة مصادر مطلعة أن سوريا تعتزم إصدار أوراق نقدية جديدة، مع حذف صفرين من قيمتها، وذلك بالتعاون مع شركة “غوزناك” الروسية الحكومية المتخصصة في طباعة الأوراق المالية. تم الاتفاق على هذه الخطوة خلال زيارة وفد سوري إلى العاصمة الروسية موسكو في يوليو الماضي، بينما لم يصدر أي تعليق رسمي من الشركة الروسية حتى الآن. تأتي هذه المبادرة بعد انهيار غير مسبوق للقوة الشرائية لليرة السورية عقب صراع استمر 14 عامًا. ومن المتوقع أن يرتبط تنفيذ هذا القرار بنتائج الانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر المقبل.

اقرأ أيضًا: تراجع جديد.. سعر الليرة اللبنانية مقابل الجنيه المصري اليوم | تطور مفاجئ في تحديثات الصباح

مقارنة سعر صرف الليرة بين السوق الرسمي والسوق الموازي

بينما يحافظ مصرف سوريا المركزي على سعر صرف شبه ثابت لليرة السورية مقابل الدولار، يظل السوق السوداء هو المؤشر الحقيقي الذي يعكس فقدان الثقة في العملة الوطنية. يوضح الجدول التالي مقارنة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الموازي:

الجهةسعر الشراء (ليرة سورية مقابل الدولار)سعر البيع (ليرة سورية مقابل الدولار)
مصرف سوريا المركزي11,00011,055
السوق الموازي (السوداء)تجاوز 11,000متوقع وصوله إلى 12,000 قريباً

ويرى خبراء أن غياب أي إصلاح اقتصادي شامل يقوم على تعزيز الإنتاج وتدفق الاستثمارات الجادة سيجعل أي زيادات في الرواتب أو خطط نقدية جديدة مجرد حلول مؤقتة لا تعالج الأسباب الجذرية للأزمة. بل قد تساهم هذه الحلول الجزئية في تفاقم التضخم ووضع الليرة السورية على حافة مزيد من الانهيار.

اقرأ أيضًا: شراكة اقتصادية جديدة.. الكشف عن تفاصيل المعرض المصري السعودي الدولي للامتياز التجاري