من خلال لمسة واحدة على الفلتر، يمكن للفرد إطالة وجهه وتنحيف أنفه. وبعد استخدام فلاتر مثل Glow Makeup تختفي عيوب البشرة، وتبرز الشفاه أكثر امتلاءً، وتتمدد الرموش. ومع نقرة أخرى، يعود المستخدم إلى واقعه، إلا أن هذا الواقع أصبح أكثر تعقيداً، مع تعاظم تأثير هذه الفلاتر على الصحة النفسية.
إنّ سهولة التقاط الصور، والتي لم يشهدها التاريخ من قبل، هي سيف ذو حدّين. فبينما تُتيح لنا توثيق لحظاتنا الجميلة، قد تُغرقنا في دوّامة مُقلقة من مُطاردة صورة مثالية بعيدة المنال. حيث أسهم الاستخدام المبالغ به لـ”الفلاتر”، والهوس بمقارنة الصورة الذاتية مع صور الآخرين على مواقع التواصل في ظهور مشكلات نفسية كالقلق والاكتئاب وفقدان الثقة بالنفس.
ترى المتخصصة في علم النفس الدكتورة كاملة الحاج أننا نعيش اليوم في عالم افتراضي، جراء الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي، فأصبحت الموضوعات المنشورة افتراضية، وكذلك العلاقات، وحتى الجمال أصبح افتراضيا.
وأوضحت الحاج بأن “بعد التصفّح المُستمرّ لوسائل التواصل الاجتماعيّ، نشعر بعدم الرضى عن أنفسنا. وتضعنا هذه الوسائل في حلقة مُفرغة من مُقارنة الذات، والتي قد يكون من الصعب الخروج منها. ولنتذكّر أنّ ما نراه من المُرجّح أن يكون مُزيّفًا ومُخادعًا. حيث تُشير الدراسات إلى أنّ 90٪ من النساء اليوم يستخدمن الفلاتر على صورهنّ ومنشوراتهنّ. لا شكّ أنّ الفلاتر مُمتعة ومُسلّية للاستكشاف، ولكن من المفترض ألا تُملي علينا كيف نبدو، وأن تبقى نسختنا غير المُعدّلة هي المقياس”.
وأشارت الحاج بأن “الفلاتر ليست مجرد أدوات لتحسين الصور، حيث نشعر بالسعادة عند استخدام الفلاتر ونشعر بأننا أجمل وأكثر ثقة بأنفسنا، أصبحت أحيانًا أقنعة تخفي ملامحنا الحقيقية وتؤثر على صحتنا النفسية بشكل كبير.الاستخدام المفرط للفلاتر قد يؤدي إلى الشعور بعدم الكفاية والقلق بشأن المظهر الشخصي، خاصة عند المقارنة بالمؤثرين والمشاهير الذين يظهرون بإطلالات مثالية. في بعض الحالات، يمكن أن يتطور هذا الشعور إلى اكتئاب بسبب الإحساس المستمر بعدم الرضا عن الشكل الطبيعي”.
ويرافق الهوس بـ”المظهر المثالي تسابق منصات التواصل الاجتماعي على إضافة مزيد من “فلاتر” تعديل الصور بشكل مجاني، كوسيلة لجذب المستخدمين وزيادة تعلّقهم بالمنصة، وهنا كانت الكارثة”، وفق تعبير الدكتوةالذي أوضحت أن الوضع الحالي تسبب في زيادة في نوع من أنواع الاضطرابات النفسية يُعرف باضطراب التشوّه الجسدي، وهو عبارة عن اضطراب وسواسي يسبّب شعور الفرد بالقلق المفرط بسبب عيوب في شكل أو معالم وجهه أو جسده، حتّى وإن لم تكن ظاهرة للآخرين.
أما كيف تتوقف عن الهوس بعيوبك، فتنصح الحاج، بالأخذ بفترات راحة من تصفح الصور، وأيضاً التدرّب على إحتضان النقص، باعتبار أنّ الأبحاث تشير إلى أنّ ٢٪ فقط من سكان العالم يمتلكون وجهاً متماثلاً، وحتى أنّ التماثل لا يساوي الكمال. وبالتالي تنصح ببناء صورة ذاتية صحية بمثابة حلّ وسطي يركز على القبول الذاتي، وهذا يساعد على الإعتراف بقيود التكنولوجيا، وأنّ الإنسان أكثر بكثير مما تظهره صورة! فهو كيان ثلاثي الأبعاد ينبض بالحياة، يتحرك ويتفاعل بطرق لا تستطيع عدسة الكاميرا التقاطها.