هل تصدق إذا أخبرك أحدهم أن فريقًا انتصر على نظيره في مباراة الذهاب بدوري أبطال أوروبا بثلاثية نظيفة، ويعيش لحظة رعب من مباراة الإياب؟ بالطبع كل شيء وارد في كرة القدم، ولكن ليس إلى درجة الشعور بالرعب من مباراة شبه محسومة.
قد تظن أنه أمر مبالغ فيه، ولكنك لست في نفس المكان الذي يتواجد فيه أرسنال، ذلك العملاق الإنجليزي الذي ضرب ريال مدريد بثلاثية تاريخية في ملعبه “الإمارات” يوم الثلاثاء 8 أبريل 2025، في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.
إلى هنا، يُعتبر الأمر جيدًا، خاصة وأن ريال مدريد ظهر بأداء ضعيف جدًا عكس كل التوقعات، ولكن، منذ أن لُعبت المباراة يوم الثلاثاء وحتى الآن، ونحن على بُعد ساعات قليلة فقط من لقاء الإياب، لا تتحدث الجماهير حول العالم سوى عن “ريمونتادا” الميرينجي على ملعبه، وتحول الأمر إلى سخرية.
وبالطبع، من حق جماهير ريال مدريد، وحتى مشجعي كرة القدم بشكل عام، أن يسخروا من الأمر ويكون لديهم هذه الثقة في الميرينجي على ملعبه التاريخي. فكثيرًا ما قلب المباراة على خصومه، وفي بطولته المفضلة “دوري الأبطال”، وواحدة من أشهر تلك اللحظات كانت ضد فريق إنجليزي أيضًا، وهو ديربي كاونتي في موسم 1975/1976.
أرتيتا والتعلم من السير مات باسبي
ولكن لماذا لا نترك ذكرى ديربي كاونتي هذه التي قد تُصيب أرسنال وجماهيره بالقلق، ونذهب إلى قصة قد تعطيهم بعض الأمل، وتعود إلى واحد من عمالقة إنجلترا وأوروبا وبتفاصيل متشابهة قليلًا، قد تفيد ميكيل أرتيتا مدرب الجانرز، أو على الأقل تُعطيه القليل من الأمل.
هذه القصة بطلها مانشستر يونايتد ومدربه التاريخي السير مات باسبي، وتعود إلى نسخة 1968 من بطولة دوري أبطال أوروبا، عندما ضرب العملاق الإنجليزي موعدًا مع ريال مدريد في الدور نصف النهائي.
الرجل الذي كان سببًا في مجد مانشستر يونايتد.
نتذكر اليوم السير مات باسبي في ذكرى يوم ميلاده. الأسطورة الخالدة في تاريخ يونايتد إلى الأبد. pic.twitter.com/fcZe4k3wwB
— مانشستر يونايتد (@ManUtd_AR) May 26, 2023
والتقى الفريقان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا على ملعب أولد ترافورد في إنجلترا، وفاز مانشستر يونايتد بهدف مقابل لا شيء، ولكنه تعرض لانتقادات وسخرية كبيرة، لأنه كان قادرًا على الفوز بنتيجة أكبر، وأن ريال مدريد سيعود بقوة على ملعبه، مثل ما حدث مع أرسنال تقريبًا.
والمصادفة أن مانشستر يونايتد خسر لقب الدوري الإنجليزي ذلك العام قبل مباراة الإياب ضد ريال مدريد لصالح جاره مانشستر سيتي، وهو نفس السيناريو الذي يعيشه أرسنال أيضًا، والذي اتسع فيه فارق النقاط بينه وبين ليفربول بشكل كبير جدًا، ولكن لا تزال المنافسة قائمة.
وجاء موعد مباراة إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بين يونايتد ومدريد على ملعب سانتياجو برنابيو يوم 15 مايو 1968، وفي أول 41 دقيقة من زمن المباراة نجح أصحاب الأرض في تسجيل هدفين، ولكن رد الشياطين الحمر بهدف ذاتي عن طريق إجناسيو زوكو، ولكن لم يستسلم الميرينجي وسجل الهدف الثالث عن طريق أمانسو أمارو، لينهي الشوط الأول متقدمًا بثلاثية مقابل هدف، وهو ما يعني تأهله حتى الآن للدور النهائي بهذه النتيجة.
وبفضل محاضرة هادئة بين الشوطين وكلمات بسيطة قالها باسبي إلى لاعبيه، تغيرت النتيجة رأسًا على عقب في الشوط الثاني، فقد سجل مانشستر يونايتد الهدف الثاني في الدقيقة 73 عن طريق ديفيد سادلر، ثم سجل الثالث في الدقيقة 80 عن طريق بيل فولكيس.
وقضى مانشستر يونايتد على آمال ريال مدريد نهائيًا بل وقام بالريمونتادا في عقر دارهم وعلى ملعبهم التاريخي، ونجح في التأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا ليواجه بنفيكا.
وفي 29 مايو 1968 جاء موعد مباراة الدور النهائي حيث نجح مانشستر يونايتد في استكمال مشواره والفوز على بنفيكا بنتيجة 4-1 على ملعب ويمبلي، وأصبح أول فريق إنجليزي في التاريخ يحصد بطولة دوري أبطال أوروبا أو “كأس أوروبا” بمسماها القديم.
أول نادي إنجليزي يفوز بكأس أوروبا/دوري أبطال أوروبا كان مانشستر يونايتد وحدث ذلك في مثل هذا اليوم من عام 1968 بتغلبه 4-1 على بنفيكا البرتغالي على ملعب ويمبلي. pic.twitter.com/Wpkp3K5omb
— FIFA – عربي (@fifacom_ar) May 29, 2019
على موعد مع ليلة تاريخية جديدة في البرنابيو
الآن نحن على موعد مع ليلة تاريخية جديدة، حيث يتردد صدى الماضي بين جدران ملعب نادي ريال مدريد، وفريقان إنجليزيان فازا بثلاثية على العملاق الإسباني، أحدهما خلدها في كتب التاريخ لتكون واحدة من أقوى قصص الريمونتادا في كرة القدم، والثانية جاءت كنصف فرحة خارج أسوار هذا الملعب التاريخي، إما أن يُكملها داخله، أو يخرج منه مطأطئ الرأس تلاحقه نظرات الخذلان، والآن الخيار في يد أرسنال…