تقرير يكشف.. مخاطر غير محسوبة تدخلنا في سباق مع المجهول
أصدر المصرف المركزي السوري تحذيراً هو الأشد لهجة بشأن التعامل بالعملات الرقمية، واصفاً إياها بلعبة محفوفة بالمخاطر تفتقر لأي قواعد تنظيمية. ويأتي هذا التحذير في وقت يتجه فيه آلاف السوريين إلى هذا النوع من الأصول بحثاً عن ملاذ من الانهيار الاقتصادي المستمر وتدهور قيمة العملة المحلية.
المصرف المركزي يصف تداول العملات الرقمية بالمقامرة
أكد المصرف المركزي في بيانه الرسمي أن العملات الرقمية المشفرة لا تعد عملة قانونية معتمدة في سوريا، ويتم تداولها خارج أي إطار قانوني أو رقابي. وأشار المصرف إلى أن غياب التنظيم يجعل السوق أرضاً خصبة للمضاربين والمحتالين الذين يستغلون حاجة المواطنين عبر إطلاق وعود وهمية بتحقيق أرباح سريعة وغير منطقية. وبحسب البيان، فإن هذه التعاملات تشبه المقامرة التي قد تؤدي إلى خسارة كامل رأس المال دون وجود أي جهة يمكن الرجوع إليها لحماية حقوق المتعاملين.
الأزمة الاقتصادية تدفع السوريين نحو مخاطر الاستثمار الرقمي
يعكس الإقبال المتزايد على تداول العملات الرقمية في سوريا حالة اليأس التي يعيشها المواطنون في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. فمع استمرار تهاوي قيمة الليرة السورية وعجز القنوات المصرفية التقليدية عن تقديم حلول استثمارية آمنة، يجد الكثيرون في العملات المشفرة نافذة أمل محتملة للحفاظ على مدخراتهم أو تحقيق عائد مالي. هذا الواقع يجعل التحذيرات الرسمية وحدها غير كافية، حيث يضطر المواطن للمفاضلة بين خطر الانهيار الاقتصادي المؤكد وخطر الاستثمار في أصول رقمية مجهولة العواقب.
مفارقة التحذير السوري والتوجه العالمي نحو العملات الرقمية
يبرز التحذير السوري مفارقة واضحة عند مقارنته بالتوجهات المالية العالمية. ففي الوقت الذي تحارب فيه دمشق التعاملات الرقمية غير المنظمة، تدرس كبرى البنوك المركزية حول العالم، مثل البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إمكانية إصدار عملات رقمية رسمية خاصة بها. ويؤكد هذا التوجه العالمي أن مستقبل القطاع المالي يتجه نحو الرقمنة، ولكن ضمن أطر تنظيمية وقانونية صارمة تضمن الاستقرار وتحمي المستهلكين، وهو ما تفتقر إليه السوق السورية تماماً.
هل يكفي التحذير في غياب بدائل اقتصادية حقيقية
يطرح الموقف الحالي سؤالاً جوهرياً حول فعالية التحذيرات في ظل غياب بدائل اقتصادية قابلة للتطبيق. فما لم يتم توفير قنوات استثمارية وادخارية آمنة وموثوقة تلبي احتياجات السوريين، سيظل البحث عن منافذ مالية بديلة مستمراً حتى لو كانت محفوفة بالمخاطر. ويرى محللون أن الحل لا يكمن فقط في منع التعامل بالعملات الرقمية، بل في معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الناس إليها، وعلى رأسها استعادة استقرار النظام المالي المحلي.
