“بلا فائدة”.. خبير اقتصادي يفسر لماذا لن ينجح خفض العملة في ظل العجز التجاري
نفى الخبير المصرفي محمد البيه ما يتردد حول سعي مصر لخفض قيمة عملتها المحلية مؤكداً أن هذا الطرح لا يعكس الواقع الاقتصادي. وأوضح أن تحسن سعر الجنيه مؤخراً جاء نتيجة عوامل دولية ومحلية أبرزها زيادة التدفقات الدولارية وعودة الثقة في الجهاز المصرفي. ويتوقع أن يستمر سعر الصرف في نطاقه الحالي حتى نهاية شهر سبتمبر المقبل.
أسباب استقرار سعر صرف الجنيه المصري
أوضح محمد البيه أن سعر الدولار شهد تراجعاً في السوق المصرية نتيجة مجموعة من العوامل المتكاملة. وأشار إلى أن هذا الانخفاض لا يعود لسياسة متعمدة لخفض قيمة العملة بل لتحولات اقتصادية حقيقية. وساهم تحرير سعر الصرف وفقاً لآلية العرض والطلب منذ مارس 2024 في القضاء على السوق الموازية للعملة. وقد وفر هذا الإجراء أداة مرنة لإدارة التدفقات النقدية بفاعلية مما انعكس إيجابياً على سعر الجنيه.
عوامل دولية ومحلية تدعم العملة المصرية
عززت عدة تطورات من قوة الجنيه المصري في الفترة الأخيرة. فعلى الصعيد الدولي أدى تراجع عوائد الدولار عالمياً إلى تحويل المستثمرين استثماراتهم نحو الأسواق الناشئة ومنها مصر. كما ساهم انتهاء التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل في عودة الاستقرار النسبي للمنطقة وشجع المستثمرين على تنويع محافظهم الاستثمارية. أما محلياً فقد ساهمت المؤشرات الاقتصادية الإيجابية في تعزيز الثقة.
إليك أبرز المؤشرات والعوامل التي دعمت الجنيه:
- زيادة تحويلات العاملين في الخارج لتصل إلى حوالي 33 مليار دولار مما يعكس استعادة الثقة في النظام المصرفي.
- تحقيق معدل نمو اقتصادي بلغ نحو 4.5% مع الحفاظ على نسبة بطالة لم تتجاوز 7%.
- القضاء على السوق السوداء للعملة بعد قرار تحرير سعر الصرف مما وجه التدفقات الدولارية إلى القنوات الرسمية.
- ارتفاع حجم الصادرات المصرية خلال العام المالي 2024/2025 إلى ما يقارب 30 مليار دولار.
لماذا لا تسعى مصر لخفض قيمة عملتها؟
أكد البيه أن سياسة خفض قيمة العملة تتبعها عادةً الدول التي تتمتع بفائض تجاري كبير وتعتمد على التصدير بشكل أساسي وهو وضع لا ينطبق على مصر. وأوضح أن الاقتصاد المصري لا يزال يعتمد على استيراد العديد من السلع الحيوية والأساسية مثل القمح والذرة والوقود. ورغم سعي الدولة لزيادة صادراتها ضمن خطة الوصول إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 إلا أن حجم الواردات لا يزال كبيراً.
فيما يلي جدول يوضح أهم المؤشرات الاقتصادية التي ذكرها الخبير المصرفي.
المؤشر الاقتصادي | القيمة المسجلة |
تحويلات المصريين بالخارج | نحو 33 مليار دولار |
حجم الصادرات (2024/2025) | حوالي 30 مليار دولار |
معدل النمو الاقتصادي | يقدر بنحو 4.5% |
نسبة البطالة في مصر | لم تتجاوز 7% |
السعر المتوقع للدولار (سبتمبر-أكتوبر) | بين 48.60 و 48.70 جنيه |
مستقبل سعر الجنيه مرتبط ببرنامج الإصلاح
يعتمد مستقبل سعر الصرف بشكل كبير على مدى التزام مصر ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي. وينتظر السوق صرف الشريحتين المتبقيتين من التمويل بعد المراجعة القادمة من الصندوق في أكتوبر. ويعطي الالتزام بهذا البرنامج مؤشرات إيجابية للأسواق الدولية ويعزز من فرص جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما يتيح للدولة الدخول إلى أسواق السندات الدولية بأسعار فائدة أقل.
دور الالتزامات الخارجية والتصنيف الائتماني
أضاف البيه أن قدرة الدولة على سداد التزاماتها الخارجية في مواعيدها المحددة تعد مؤشراً مهماً على الاستقرار المالي. وأشار إلى أن نجاح مصر في توفير الموارد اللازمة لتغطية هذه الديون يعزز مصداقيتها أمام المستثمرين. وتلعب تقييمات وكالات التصنيف الائتماني الدولية مثل موديز وفيتش دوراً محورياً في تشكيل صورة الاقتصاد المصري عالمياً. وأي نظرة مستقبلية إيجابية أو تحسن في التصنيف يشجع على استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية.
توقعات سعر الدولار مقابل الجنيه حتى نهاية 2025
توقع الخبير المصرفي أن يظل سعر الجنيه المصري مستقراً في النطاق الحالي الذي يتراوح بين 48 و 50 جنيهاً للدولار حتى نهاية شهر سبتمبر 2025. وأشار إلى أن سعر الصرف خلال الفترة التالية سيعتمد بشكل أساسي على تطورات العوامل الاقتصادية المذكورة سابقاً. ويصل متوسط سعر الصرف حالياً في السوق المصرية إلى حدود تتراوح بين 48.60 و 48.70 جنيه.