تطور يهدد عرشها.. هل انتهى عصر الحقائب الباهظة بعد تراجع المبيعات؟

يشهد سوق السلع الفاخرة العالمي تراجعاً ملحوظاً لأول مرة منذ سنوات، حيث أدت الضغوط الاقتصادية وارتفاع الأسعار إلى تغيير سلوك المستهلكين الذين أصبحوا أكثر حذراً في إنفاقهم. هذا التحول دفع العلامات التجارية الكبرى إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في مواجهة انخفاض المبيعات وتآكل ثقة العملاء.

سوق السلع الفاخرة يسجل أول تراجع في المبيعات

كشف تقرير حديث لشركة Bain & Company أن مبيعات السلع الفاخرة انخفضت بنسبة تتراوح بين 1% و3% خلال عام 2024، وذلك بعد فترة من النمو القوي في عامي 2022 و2023. ويعود هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، مما أثر على القدرة الشرائية للمستهلكين. ورغم أن مستويات الإنفاق لا تزال أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة، إلا أن القطاع فقد ما يقرب من 50 مليون مستهلك خلال عامين فقط، خاصة بعد الزيادات الكبيرة في الأسعار التي بلغت 33% بين عامي 2019 و2023.

المستهلكون يتجهون نحو الأوتليت وسوق المنتجات المستعملة

مع ارتفاع أسعار الحقائب والمنتجات الفاخرة، بدأ المستهلكون في البحث عن بدائل توفر قيمة أفضل مقابل المال. ونتيجة لذلك، قفز حجم سوق السلع الفاخرة المستعملة إلى 48 مليار يورو في عام 2024، محققاً نمواً بنسبة 7%، حيث أصبح هذا السوق بوابة دخول لشريحة واسعة من العملاء الجدد. كما تفوقت متاجر التخفيضات “الأوتليت” في أدائها على المتاجر التقليدية، مما يعكس تغيراً واضحاً في أولويات الشراء لدى المستهلكين.

أزمة ثقة تهز العلامات التجارية الكبرى

تزايدت الشكوك حول عدالة الأسعار المبالغ فيها وجودة التصنيع، خاصة بعد أن كشفت تقارير صحفية عن لجوء بعض العلامات الأوروبية الشهيرة إلى موردين ثانويين في إيطاليا يعملون في ظروف غير ملائمة. وزادت بيانات بنك UBS من حدة الأزمة، حيث أوضحت أن نصف نمو المبيعات المسجل بين 2019 و2023 كان ناتجاً عن رفع الأسعار فقط، وليس عن زيادة حقيقية في حجم المنتجات المباعة.

الأداء المالي للشركات الكبرى يكشف حجم التحديات

أظهرت النتائج المالية لمعظم العلامات التجارية الكبرى تراجعاً واضحاً في الإيرادات والأرباح، باستثناءات قليلة تمكنت من تحقيق نمو عكس التيار السائد في السوق.

الرسوم الجمركية تزيد الضغوط على قطاع الفخامة

فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 15% على السلع الفاخرة الأوروبية في عام 2025، مما وضع الشركات أمام خيارين صعبين.

• رفع الأسعار على المستهلكين والمخاطرة بفقدان المزيد من العملاء.
• امتصاص تكلفة الرسوم وتقليص هوامش الأرباح.

وقد اتجهت بعض الشركات مثل LVMH إلى الاستثمار في الإنتاج المحلي داخل الولايات المتحدة لتجنب هذه الرسوم، لكن هذا الحل ليس متاحاً لجميع العلامات التجارية.

الشرق الأوسط والأسواق الناشئة تمثل فرصة للنمو

في ظل تباطؤ الأسواق التقليدية، برزت مناطق جديدة كفرص واعدة للنمو. فقد نما سوق المنتجات الفاخرة في الشرق الأوسط بنسبة 6% في 2024 ليصل إلى 12.8 مليار دولار، مدعوماً بانتعاش السياحة وزيادة الإنفاق المحلي في مدن مثل دبي والدوحة. كما تتجه الأنظار نحو أسواق ناشئة أخرى مثل الهند وجنوب شرق آسيا، التي تشهد ظهور طبقة جديدة من الأثرياء.

الاستدامة تتحول إلى معيار أساسي في عالم الفخامة

أصبح الوعي البيئي عاملاً حاسماً في قرارات الشراء، حيث يعتبر 77% من عملاء السلع الفاخرة في أوروبا أن الاستدامة عنصر مهم. واستجابة لذلك، التزمت علامات كبرى مثل Kering وLVMH بخفض بصمتها الكربونية والانضمام إلى مبادرات عالمية مثل The Fashion Pact لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. كما توسعت العلامات في إطلاق برامج رسمية لإعادة بيع منتجاتها لدعم الاستدامة ومكافحة التقليد.

الرقمنة والميتافيرس ساحة جديدة للمنافسة

دخلت العلامات الفاخرة بقوة إلى العالم الافتراضي لاستهداف الجيل الرقمي الجديد من المستهلكين. وأطلقت الشركات متاجر رقمية وعروض أزياء افتراضية، كما دخلت عالم الرموز غير القابلة للاستبدال NFT والميتافيرس. وقد بلغت قيمة سوق الأزياء الرقمية 101 مليار دولار في 2024، مع توقعات بأن تتجاوز 297 مليار دولار بحلول عام 2032.

علامات الموضة تركز على تجارب حصرية لكبار العملاء

للحفاظ على ولاء عملائها الأكثر أهمية، تركز العلامات التجارية على تقديم تجارب حصرية وشديدة الخصوصية. حيث يمثل أعلى 2% من العملاء حوالي 40% من إجمالي المبيعات. ومن أبرز هذه المبادرات “غوتشي صالون” الذي لا يمكن دخوله إلا بدعوة خاصة، وخدمات تصميم المجوهرات حسب الطلب من “تيفاني آند كو”، وهي استراتيجيات تهدف إلى تعزيز العلاقة مع النخبة من عملائها.