الإرهاق السكري: المعركة النفسية التي تدفع مرضى لترك علاجهم

إن مواجهة أعراض الاحتراق السكري وكيفية التغلب عليه تمثل تحديًا كبيرًا، فالتعايش مع مرض السكري هو التزام يومي يتطلب مراقبة دقيقة لمستويات الجلوكوز، وحساب الكربوهيدرات، والالتزام الصارم بالأدوية، بالإضافة إلى تخطيط نظام غذائي متوازن؛ ومع هذا الضغط المتواصل، يصل بعض المرضى إلى حالة من الإنهاك النفسي والعاطفي تعرف بـ”الاحتراق السكري”، والتي قد تدفعهم للشعور بالعجز واليأس وإهمال العلاج.

ما هي أبرز أعراض الاحتراق السكري وكيفية التغلب عليه نفسيًا وجسديًا؟

يُعرَّف الاحتراق السكري بأنه حالة من الإرهاق العاطفي والنفسي الشديد، تنشأ نتيجة الإجهاد المزمن المصاحب لإدارة داء السكري، وتصفه الصيدلانية وأخصائية التغذية ديبي جرايسون بأنه يشبه تمامًا الاحتراق الوظيفي، فبدلًا من أن يكون مصدر الضغط هو العمل، يصبح هنا إدارة المرض على مدار الساعة؛ حيث قد يشعر المريض بالملل العميق والانفصال العاطفي، أو حتى الرغبة في التخلي عن الرعاية الذاتية تمامًا، وهذا لا يعكس ضعفًا في الإرادة، بل هو استجابة طبيعية لضغط مستمر يحتاج إلى فهم ودعم بدلاً من اللوم، ويجب إدراك أن مواجهة أعراض الاحتراق السكري وكيفية التغلب عليه تبدأ بفهم طبيعته.

اقرأ أيضًا: تطور مفاجئ في الساحل الشمالي.. داليا البحيري تتعرض لحادث سير.. الكشف عن حالتها الصحية

تتنوع مؤشرات هذه الحالة لتشمل جوانب نفسية وجسدية وسلوكية، ورغم اختلاف حدتها بين الأفراد، إلا أنها تشترك جميعًا في الشعور المستمر بالإرهاق، فعلى الصعيد النفسي، يعاني المريض من إحساس بالعجز والحصار، وفقدان الدافع تجاه العلاج والحياة، بالإضافة إلى مشاعر الإحباط والغضب التي قد تدفعه للعزلة، والشعور بالذنب حيال “فشله” في إدارة المرض؛ أما جسديًا، فتظهر على شكل تعب مزمن، وصعوبة في النوم، وصداع متكرر، وآلام عضلية، واضطرابات هضمية، بينما سلوكيًا، قد يتوقف المريض عن قياس سكر الدم أو تناول الدواء بانتظام ويفقد تركيزه وينسحب اجتماعيًا، مما يؤثر سلبًا على صحته العامة.

عندما يتجاهل المريض متابعة حالته الصحية بسبب الاحتراق السكري، فإن العواقب الصحية لا تتأخر في الظهور، فتحذر جرايسون من أن هذا الإهمال يؤدي سريعًا إلى تقلبات حادة في مستويات الجلوكوز، مما يزيد من خطر الإصابة بالتهابات متكررة، ومشاكل في الرؤية، وقد يتطور الأمر إلى مضاعفات عصبية خطيرة؛ فالإرهاق السكري لا يؤذي الصحة النفسية فحسب، بل يمتد تأثيره المدمر ليطال الجسد أيضًا، مما يجعل فهم أعراض الاحتراق السكري وكيفية التغلب عليه أمرًا ضروريًا للحفاظ على جودة الحياة.

اقرأ أيضًا: خبايا لم تروَ.. ملتقى الهناجر الثقافي يناقش الدور الخفي للأغنية الوطنية في الأحداث السياسية

من هم الأكثر عرضة لمواجهة أعراض الاحتراق السكري؟

تشير البيانات الصادرة عن جمعية السكري البريطانية (Diabetes UK) إلى أن الضائقة النفسية المرتبطة بالسكري شائعة جدًا منذ لحظة التشخيص، حيث يعاني منها نسبة كبيرة من المرضى، وهو ما يوضح الحاجة الملحة للتعرف على أعراض الاحتراق السكري وكيفية التغلب عليه بشكل استباقي.

نوع السكرينسبة المصابين بضائقة نفسية
النوع الأول1 من كل 4 مرضى
النوع الثاني1 من كل 5 مرضى

توجد فئات معينة تكون أكثر هشاشة أمام تحدي الاحتراق السكري بسبب الظروف النفسية والاجتماعية التي تمر بها، مما يتطلب دعمًا إضافيًا ومتابعة دقيقة، وتشمل هذه الفئات:

اقرأ أيضًا: رسميًا زواج النفحة.. الإفتاء تحسم الجدل وتعلن حكمه النهائي

  • المراهقون الذين يواجهون تقلبات نفسية وتغيرات في هويتهم الشخصية.
  • الشباب في مرحلة الانتقال إلى الاستقلال وتحمل المسؤوليات الكاملة.
  • المرضى الذين يجدون صعوبة في السيطرة على مستويات السكر أو يعانون من مضاعفات مزمنة.
  • الأفراد الذين يفتقرون إلى الدعم العائلي أو يعانون من مشاكل نفسية أخرى مصاحبة للمرض.
  • الآباء ومقدمو الرعاية للأطفال المصابين بالسكري، والذين يتحملون عبئًا نفسيًا كبيرًا.

استراتيجيات فعالة للتغلب على أعراض الاحتراق السكري

إن الخطوة الأولى نحو التعافي من الاحتراق السكري تكمن في الاعتراف بوجود المشاعر السلبية وعدم إنكارها، فمن الطبيعي تمامًا الشعور بالإرهاق عند التعامل مع مرض مزمن، وتجاهل هذه المشاعر لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع النفسي والجسدي على المدى الطويل؛ لذا يُعد طلب الدعم النفسي المتخصص، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، خيارًا فعالًا للغاية، حيث يساعد هذا النوع من العلاج المريض على إعادة هيكلة أفكاره السلبية تجاه المرض وتطوير استراتيجيات تكيف جديدة وأكثر إيجابية.

تُعد مشاركة التجارب مع أشخاص يمرون بنفس الظروف أداة قوية لتخفيف العبء النفسي، فالانضمام إلى مجموعات الدعم، سواء كانت عبر الإنترنت أو في المراكز الطبية، يمنح المريض شعورًا بالانتماء ويؤكد له أنه ليس وحيدًا في معركته؛ وفي الوقت نفسه، من الضروري تخفيف الضغط اليومي عبر التخلي عن فكرة الكمال في إدارة السكر، والتركيز بدلًا من ذلك على تحقيق تحسن تدريجي، فارتفاع طفيف في السكر أو خطأ بسيط لا يعني الفشل، والتعامل بلطف مع الذات هو جزء أساسي من رحلة التغلب على الاحتراق السكري.

اقرأ أيضًا: برامج ممتعة لكل العائلة.. تردد قناة كراميش 2025 للترفيه المتواصل

إن الوقاية تمثل خط الدفاع الأول ضد الاحتراق السكري، ويمكن تحقيقها عبر الاهتمام بالصحة النفسية منذ البداية، فالمتابعة الدورية مع أخصائي تغذية أو أخصائي نفسي ليست رفاهية، بل هي خطوة وقائية ضرورية، خاصة خلال فترات التوتر الشديد أو عند حدوث تغييرات كبيرة في نمط الحياة اليومي للمريض.

اقرأ أيضًا: هام.. اكتشف أعراض سرطان البنكرياس مبكراً للوقاية