مستقبل الوظائف والمدن الذكية.. أبرز ملفات المؤتمر العربي الدولي في جدة
يمثل ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية محورًا استراتيجيًا ونقطة انطلاق لمواجهة التحديات المستقبلية، وهو ما انعكس بوضوح في أعمال المؤتمر العربي الدولي الثاني عشر لضمان جودة التعليم العالي، الذي انطلقت فعالياته في مدينة جدة بحضور لافت لأكثر من 200 خبير وأكاديمي يمثلون نخبة المؤسسات التعليمية العربية والدولية، بالإضافة إلى مشاركة واسعة من الهيئات والاتحادات المعنية بالجودة والاعتماد الأكاديمي.
شكل المؤتمر الذي استضافته جامعة الأعمال والتكنولوجيا منصة حيوية لمناقشة أكثر من 60 ورقة عمل متخصصة، إلى جانب مجموعة غنية من الورش التطبيقية التي تهدف إلى تبادل الخبرات وتطوير آليات العمل المشترك، حيث أكد الدكتور عبد الله بن صادق دحلان، رئيس مجلس أمناء الجامعة المضيفة، أن تجربة المملكة في هذا المجال تقدم إطارًا وطنيًا شاملًا يمكن الاستفادة منه على المستوى العربي، مشيرًا إلى أن ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية لم يعد خيارًا ترفيهيًا بل ضرورة حتمية لتحقيق التميز المؤسسي ومواكبة مستهدفات رؤية السعودية 2030.
معايير المملكة لضمان جودة التعليم العالي: نموذج عربي رائد
ألقى الدكتور دحلان الضوء على الإطار الذي طرحته هيئة تقويم التعليم والتدريب في المملكة، والذي يشتمل على ستة معايير رئيسية تهدف إلى تطوير التعليم الجامعي وتعزيز منظومة الجودة، موضحًا أن هذه المعايير تشكل أساسًا متينًا يمكن للجامعات العربية أن تبني عليه لتطوير أنظمتها التعليمية والاعتمادية، فالتجربة السعودية أصبحت نموذجًا يُحتذى به في ظل التحولات النوعية التي تشهدها منظومة التعليم، مما يدعم مساعي تحقيق ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية بشكل فعال ومستدام.
ترتكز هذه المعايير على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تضمن تحقيق الأهداف المنشودة، حيث تشمل هذه المبادئ ما يلي:
- وضوح رسالة المؤسسة التعليمية وأهدافها وارتباطها المباشر باحتياجات المجتمع وسوق العمل.
- تعزيز مبادئ الحوكمة والإدارة المؤسسية الداعمة للتنمية المستدامة.
- تطبيق إدارة فعالة للجودة والتحسين المستمر عبر المتابعة الدورية للأداء الأكاديمي.
- تبني أساليب تدريس حديثة وفعالة تدعم بيئة تعلم محفزة على الإبداع والتفكير النقدي.
- كفاءة إدارة الموارد البشرية والمادية والمالية بشفافية واستخدام التقنيات الحديثة.
- تشجيع البحث العلمي والابتكار وخدمة المجتمع لضمان تحقيق أثر ملموس في الاقتصاد المعرفي.
اتحاد الجامعات العربية ودوره في تعزيز ضمان جودة التعليم العالي
من جانبه، ثمّن معالي الدكتور عمرو عزت سلامة، الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية، جهود جامعة الأعمال والتكنولوجيا في استضافة وتنظيم المؤتمر، مؤكدًا أنه يجسد التزامًا عربيًا مشتركًا بتعزيز التميز الأكاديمي، ويمثل فرصة مثالية للحوار وتبادل الرؤى حول مستقبل التعليم في ظل التغيرات العالمية المتسارعة، وشدد على أهمية الاستثمار في العقول الشابة وتبني استراتيجيات تواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والتحول الرقمي، بما يخدم جهود ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية ويرفع من تنافسيتها الدولية.
وأوضح سلامة أن اتحاد الجامعات العربية يعمل بشكل دؤوب على تطوير منظومة التعليم العالي العربي من خلال دعم مبادرات الاعتماد والجودة، وتشجيع تبادل الخبرات الأكاديمية والبحثية بين الجامعات الأعضاء، كما يطرح الاتحاد برامج نوعية مشتركة تسعى إلى إعداد خريجين يمتلكون المهارات والمعرفة التي تتطلبها أسواق العمل المستقبلية، الأمر الذي يعزز من قدرة المنظومة التعليمية على تحقيق التنمية المستدامة والمساهمة بفاعلية في بناء اقتصادات معرفية قوية.
مستقبل ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية ورؤية المؤتمر
شهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي انعقد تحت شعار “التعليم من أجل العمل وريادة الأعمال”، كلمة ترحيبية من الأمين العام للمؤتمر الأستاذ الدكتور نضال الرمحي، وعرض فيلمين تعريفيين عن المؤتمر والجامعة المستضيفة، كما تضمنت الفعاليات تدشين جائزة الدكتور عبد الله بن صادق دحلان للبحث والابتكار في مجال البيئة، ومشاركة متحدثين رئيسيين هما الدكتور أشوين فرنانديز والدكتور محمد العيساتي، مما أثرى النقاش حول سبل تحقيق ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية.
انطلقت بعد ذلك الجلسة الحوارية الأولى بعنوان “تجارب رائدة لهيئات الاعتماد في الجامعات العربية”، وتلتها ورشة عمل متخصصة تناولت البحث المؤثر والذكاء الاصطناعي في ضمان الجودة، بالإضافة إلى آليات دمج أنظمة الجودة والاعتماد الأكاديمي وبناء ثقافات التميز في المؤسسات التعليمية، واستمرت فعاليات اليوم الأول بطرح مجموعة من الأوراق العلمية قبل أن تختتم بعشاء رسمي للمشاركين، بينما يتضمن اليوم الثاني جلسات تناقش تصورات جديدة للجودة في ظل التحول الرقمي ودور الشراكات الأكاديمية في تعزيز الاعتماد، وصولًا إلى إعلان التوصيات النهائية التي تهدف إلى توحيد الجهود العربية في هذا المجال.
ويعكس جدول أعمال المؤتمر الغني التزامًا عميقًا بتطوير أسس ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية، وتوحيد الرؤى لبناء منظومة تعليمية قادرة على مواكبة التغيرات العالمية.
