مستقبل الوظائف والمدن الذكية.. أبرز ملفات المؤتمر العربي الدولي في جدة
تُشكّل معايير ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية محورًا رئيسيًا للنقاشات الأكاديمية، وقد تجسدت هذه الأهمية في انطلاق أعمال المؤتمر العربي الدولي الثاني عشر لضمان جودة التعليم العالي بجدة، الذي جمع أكثر من 200 خبير وأكاديمي لمناقشة مستقبل التعليم في المنطقة، وبحث سبل تطويره لمواكبة المتغيرات العالمية واحتياجات أسواق العمل المتجددة.
وقد استضافت جامعة الأعمال والتكنولوجيا هذا الحدث الهام، الذي يمثل منصة حيوية لتبادل الخبرات والرؤى بين نخبة من الجامعات والمؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى مشاركة واسعة من الهيئات والاتحادات الإقليمية والدولية المعنية بالجودة والاعتماد الأكاديمي؛ حيث تم استعراض ما يزيد عن 60 ورقة عمل متخصصة وتنظيم مجموعة من الورش التطبيقية، مما يعكس الالتزام العربي المشترك بتعزيز التميز الأكاديمي، فهدف المؤتمر الرئيسي هو وضع تصورات جديدة حول كيفية تطبيق أفضل ممارسات ضمان جودة التعليم العالي في مؤسساتنا التعليمية.
معايير هيئة تقويم التعليم والتدريب لضمان جودة التعليم العالي
ألقى الدكتور عبد الله بن صادق دحلان، رئيس مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا، الضوء على التجربة السعودية الرائدة في هذا المجال؛ مؤكدًا أن هيئة تقويم التعليم والتدريب في المملكة قد طرحت إطارًا وطنيًا شاملًا يمكن أن تستفيد منه الجامعات العربية، ويرتكز هذا الإطار على ستة معايير رئيسية تهدف إلى تطوير التعليم الجامعي وضمان جودته، وتعتبر هذه المعايير خارطة طريق لتحقيق التميز المؤسسي، وهي مصممة لضمان ارتباط مخرجات التعليم باحتياجات المجتمع والتنمية المستدامة، وتمثل خطوة مهمة نحو توحيد جهود تطبيق معايير ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية.
تتسم هذه المعايير بالشمولية والتكامل، حيث تغطي كافة جوانب العملية التعليمية والإدارية في المؤسسة الأكاديمية، وهي ليست مجرد إجراءات شكلية؛ بل هي ثقافة مؤسسية تسعى للتحسين المستمر، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- وضوح رسالة المؤسسة التعليمية وأهدافها وارتباطها باحتياجات سوق العمل.
- تعزيز مبادئ الحوكمة والإدارة المؤسسية لدعم التنمية المستدامة.
- الإدارة الفعالة للجودة والتحسين المستمر عبر المتابعة الدورية للأداء.
- تبني أساليب تدريس حديثة تدعم بيئة تعلم محفزة على الإبداع والتفكير النقدي.
- كفاءة إدارة الموارد البشرية والمادية والمالية بشفافية واستخدام التقنيات الحديثة.
- تشجيع البحث العلمي والابتكار وخدمة المجتمع لتحقيق أثر تنموي ملموس.
أهمية ضمان جودة التعليم العالي لمواكبة رؤية السعودية 2030
لم يعد تطبيق أسس ضمان جودة التعليم العالي خيارًا ثانويًا للمؤسسات الأكاديمية، بل أصبح ضرورة استراتيجية لا غنى عنها لتمكين الجامعات من تحقيق التميز المؤسسي ومواجهة تحديات المستقبل المعقدة، وأشار الدكتور دحلان إلى أن التجربة السعودية في هذا السياق أصبحت نموذجًا عربيًا يُحتذى به، خاصة في ظل التحولات النوعية التي تشهدها منظومة التعليم لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، وهذا التحول يعكس إدراكًا عميقًا بأن جودة المخرجات التعليمية هي أساس بناء الاقتصاد المعرفي وتحقيق التنافسية على المستوى الدولي.
من جانبه، ثمّن معالي الدكتور عمرو عزت سلامة، الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية، جهود جامعة الأعمال والتكنولوجيا في استضافة وتنظيم المؤتمر، مؤكدًا أن هذا التجمع يجسد التزام الجامعات العربية الراسخ بتعزيز الجودة والتميز الأكاديمي، وهو يوفر منصة مثالية للحوار وتبادل الرؤى حول مستقبل التعليم العربي، كما شدد على أهمية الاستثمار في العقول الشابة، وتبني استراتيجيات تعليمية حديثة تتواكب مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والتحول الرقمي، مما يضمن تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة الجامعات العربية عالميًا، وهو ما يتطلب تفعيل آليات ضمان جودة التعليم العالي بشكل منهجي.
مستقبل ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية والتحديات الرقمية
يعمل اتحاد الجامعات العربية بجد لتطوير منظومة التعليم العالي في المنطقة، وذلك من خلال دعم مبادرات الاعتماد الأكاديمي، وتسهيل تبادل الخبرات البحثية والأكاديمية بين الجامعات الأعضاء، وطرح برامج نوعية مشتركة تهدف إلى إعداد خريجين يمتلكون المهارات والمعارف التي تتطلبها أسواق العمل المستقبلية، وتتضمن أجندة المؤتمر جلسات متخصصة لمناقشة هذه التحديات، ومنها جلسة حول تصور جديد لجودة التعليم في ظل التحول الرقمي، وأخرى تستعرض دور الشراكات الأكاديمية في تعزيز الاعتماد، مما يؤكد أن تطوير معايير ضمان جودة التعليم العالي في الجامعات العربية عملية مستمرة.
وشهد اليوم الأول للمؤتمر، الذي انعقد تحت شعار “التعليم من أجل العمل وريادة الأعمال”، فعاليات بارزة شملت تدشين جائزة الدكتور عبد الله بن صادق دحلان للبحث والابتكار في مجال البيئة، وجلسة حوارية حول تجارب هيئات الاعتماد، وورشة عمل عن الذكاء الاصطناعي في ضمان الجودة، ومن المقرر أن يشهد اليوم الختامي إعلان التوصيات النهائية التي تسعى لتوحيد الجهود العربية في هذا المجال الحيوي.
وتستمر النقاشات في اليوم الثاني لتتناول التجارب الناجحة في مؤسسات التعليم العربية، بهدف الخروج بتوصيات عملية تعزز التكامل والتعاون بين الجامعات لتبني معايير تطويرية شاملة تواكب التغيرات العالمية المتسارعة وتدعم مسيرة التنمية في المنطقة.
