شهادات أبناء يكشفون كيف أصبحت لحظات الضجر من والديهم ندماً يلازمهم العمر كله.

إن فضل بر الوالدين في الإسلام يمثل ركناً أساسياً للتقوى وزاداً لكل مسلم يسعى إلى الخير والصلاح، فهو عبادة جليلة وطاعة عظيمة تقود إلى الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، كما أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر الدوسري، الذي أكد أن من يقصد النجاح فليجعل الإحسان إلى والديه دربه ومنهاجه الذي لا يحيد عنه أبداً.

ويعد الإحسان إليهما من أسمى العبادات وأنبل الطاعات التي يتقرب بها العبد إلى خالقه، وقد جاء الأمر به كتوجيه إلهي مباشر وتأكيد نبوي متكرر، فلا يخفى على مسلم عاقل ضرورة رد الجميل للمنعم، ولا يوجد منعم على الإنسان بعد الله تعالى أعظم من والديه، فهما أحق الناس بالبر والوفاء والعطاء، وقد أعلى الإسلام مكانتهما فجعل شكرهما مقترناً بشكره وحقهما تالياً لحقه سبحانه، وهذا تكريم عظيم يوضح أهمية و فضل بر الوالدين في الإسلام.

اقرأ أيضًا: بشرى للمواطنين والمقيمين.. الكشف عن موعد بدء عروض تخفيضات اليوم الوطني السعودي 95 | استعدوا لفرصة التسوق الكبرى

كيف يعكس فضل بر الوالدين في الإسلام تقوى العبد وإحسانه؟

إن مكانة الإحسان للوالدين لا تقتصر على كونها واجباً اجتماعياً، بل هي سمة من سمات الأنبياء وخصلة من خصال الأصفياء والأتقياء، فمن خلالها تُستجلب الرحمات وتُغفر الذنوب وتُفتح أبواب الرضوان، والله سبحانه وتعالى قد رفع قدر الوالدين شأناً عظيماً حين قرن ذكرهما بذكره وحقهما بحقه، وهو ما يجعل فضل بر الوالدين في الإسلام دليلاً عملياً على صدق إيمان العبد وإحسانه، فالمسلم الذي يعي هذه العلاقة المقدسة يدرك أن طاعته لوالديه هي جزء لا يتجزأ من طاعته لربه، وأن سعيه في خدمتهما هو في حقيقته سعي لرضا الملك العلام.

ولعل ما يعين العبد على تحقيق هذه الطاعة العظيمة هو استحضار جميل صنيعهما وتضحياتهما المستمرة، فالأم التي حملت وهناً على وهن والأب الذي كد وسعى لتوفير الرعاية، كلاهما يستحق أن يُقابل إحسانهما بالإحسان، وقد نبه القرآن الكريم إلى هذا المعنى حين ربط بين الوصية بالوالدين وتذكير الإنسان بمراحل ضعفه الأولى، ثم أمر بالشكر له وللوالدين مذكراً بأن المصير والرجوع إليه وحده، وهذا الربط الإلهي يؤكد أن البر بهما ليس مجرد رد للجميل، بل هو استجابة لأمر الله وعبادة يُسأل عنها العبد يوم القيامة.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. الجوازات السعودية توضح حقيقة إلغاء رسوم المرافقين 2025

اكتشف أثر فضل بر الوالدين في الإسلام على زيادة الرزق والعمر

لا تتوقف ثمار الإحسان للوالدين عند الأجر الأخروي فحسب، بل تمتد لتشمل بركات دنيوية ملموسة، حيث يعتبر فضل بر الوالدين في الإسلام سبباً مباشراً للبركة في الرزق والسعة في العمر، فالوالدان هما أولى الناس بحسن الصحبة، ومن يقدم لهما المعروف ينل التوفيق في حياته وأمواله، وقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن من سره أن يطيل الله في عمره ويزيد في رزقه، فليبر والديه وليصل رحمه، وهذا توجيه نبوي واضح يربط بين صلاح الحال في الدنيا وطاعة الوالدين.

إن هذه البركات ليست مجرد وعود، بل هي سنن إلهية يلمسها البار بوالديه في حياته اليومية، فتجده موفقاً في أعماله، مباركاً في أمواله، ومحفوظاً بحفظ الله ورعايته، فالإحسان إليهما يفتح أبواب السماء بالدعاء المستجاب، لأن دعوة الوالد لولده لا تُرد، وهذا بحد ذاته كنز عظيم يغفل عنه الكثيرون، وبالتالي فإن الاستثمار في برهما هو استثمار في سعادة الدنيا والآخرة، مما يجعل فضل بر الوالدين في الإسلام من أحب الطاعات إلى رب البريات وأعظمها أثراً.

اقرأ أيضًا: صلاحية تأشيرة الزيارة للسعودية.. “مقيم” تطلق خدمة التحقق المباشر لإنهاء أي إشكاليات عند الوصول.

ما هي صور عقوق الوالدين التي تحجب فضل بر الوالدين في الإسلام؟

على النقيض تماماً من البر، يأتي عقوق الوالدين كأحد أكبر الكبائر وأعظم الرذائل التي حذر منها الإسلام بشدة، وقد صنف النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين بعد الشرك بالله مباشرة في حديثه عن أكبر الكبائر، مما يدل على خطورة هذا الذنب وعظيم جرمه، فهو ليس مجرد سلوك سيئ، بل هو تمرد على الفطرة السليمة وجحود لأعظم فضل بعد فضل الله، ويحجب عن صاحبه كل خير وبركة مرتبطة بفضل بر الوالدين في الإسلام، وصور هذا العقوق كثيرة وأشكاله متعددة، ومنها ما يلي:

  • رفع الصوت عليهما أو استخدام أسلوب التعنيف في الحديث معهما.
  • إظهار ملامح العبوس والضجر في وجهيهما أو التلفظ بكلمة “أفٍ” وما في معناها.
  • التقليل من شأنهما وعدم إظهار التوقير والاحترام الذي يليق بمقامهما.
  • استخدام الكلام الغليظ والجاف عند مخاطبتهما بدلاً من اللين والرحمة.
  • الاستخفاف بمشاعرهما أو دموعهما وعدم المبالاة بحزنهما أو ألمهما.
  • تلويث سمعتهما من خلال ارتكاب الأفعال المشينة التي تسيء إليهما.
  • استفزازهما عمداً باقتراف المنكرات وترك الواجبات الدينية.
  • الاستهزاء بعاداتهما أو آرائهما أو طريقة تفكيرهما التي قد تختلف عن جيل الأبناء.
  • الانشغال الدائم عنهما بالأجهزة الإلكترونية ووسائل الاتصال في حضرتهما.

إن هذه المظاهر المتعددة للجحود والنكران لا تمثل سوء أدب فحسب، بل هي انحراف عن طريق الحق الذي يضيع على صاحبه فرصة نيل الرضا الإلهي والبركات التي تأتي مع الإحسان إلى من كانا سبباً في وجوده.

اقرأ أيضًا: بختام رحلة نورانية ضخمة.. وزارة الشؤون الإسلامية السعودية تنهي مسابقات القرآن في إفريقيا: هكذا دعمت المملكة حفظة كتاب الله.