في “أرض شمس منتصف الليل”.. كيف يخدع السكان أجسادهم للنوم في نهار لا ينتهي؟
تُعد ظاهرة شمس منتصف الليل في النرويج واحدة من أروع العجائب الطبيعية التي تتحدى مفاهيمنا عن دورة النهار والليل، فهي ليست مجرد قصة خيالية بل حقيقة يعيشها سكان شمال البلاد؛ حيث تستمر الشمس في إضاءة السماء لساعات طويلة حتى في منتصف الليل، محولة الصيف إلى نهار لا ينتهي، والشتاء إلى ظلام طويل تزينه الأضواء القطبية الساحرة.
ما هو سر ظاهرة شمس منتصف الليل في النرويج؟
إن السر الكامن وراء ظاهرة شمس منتصف الليل في النرويج يرجع إلى سبب فلكي بسيط ومذهل في آن واحد، وهو ميل محور دوران الأرض بزاوية تقدر بنحو 23.5 درجة، فخلال فصل الصيف يميل نصف الكرة الشمالي نحو الشمس بشكل مباشر، مما يؤدي إلى تعرض المناطق الواقعة داخل الدائرة القطبية الشمالية، ومنها شمال النرويج، لضوء الشمس بشكل متواصل على مدار 24 ساعة، ووفقًا لما ذكره موقع “The Atlantic”، فإن هذا الميل المحوري هو الذي يخلق هذا المشهد الفريد، وفي المقابل، يحدث العكس تمامًا في فصل الشتاء؛ حيث يميل نفس الجزء من الكوكب بعيدًا عن الشمس، مما يغرق هذه المناطق في ظلام دامس لأسابيع أو حتى شهور، وتعتبر منطقة سفالبارد مثالًا صارخًا على ذلك؛ إذ لا تغرب عنها الشمس مطلقًا في الفترة الممتدة من العاشر من أبريل وحتى الثالث والعشرين من أغسطس، مانحةً سكانها وزوارها حوالي 135 يومًا من النهار المستمر.
اليوم القطبي: تفسير علمي لظاهرة شمس منتصف الليل في النرويج
تُعرف ظاهرة شمس منتصف الليل في النرويج علميًا باسم “اليوم القطبي”، وهي تحدث في المناطق القريبة من قطبي الأرض الشمالي والجنوبي خلال فصل الصيف الخاص بكل منهما، والسبب العلمي المباشر هو أن زاوية دوران الأرض حول الشمس تجعل أحد القطبين مواجهًا للشمس باستمرار لفترة طويلة، وخلال هذه الفترة الفريدة، لا تسير الشمس في مسارها المعتاد من الشروق إلى الغروب؛ بل تبدو وكأنها ترسم دائرة أفقية في السماء، حيث تنخفض قليلًا نحو الأفق في ساعات الليل المتأخرة ثم تعاود الارتفاع مجددًا دون أن تختفي تمامًا، وهذه الظاهرة المدهشة لها نظيرتها المعاكسة التي تسمى “الليل القطبي”، والتي تغرق فيها نفس المناطق في ظلام متواصل لأسابيع طويلة خلال فصل الشتاء، مما يمهد الطريق لظهور أعجوبة سماوية أخرى هي الشفق القطبي.
- اليوم القطبي: هي فترة الصيف التي تشهد ضوء نهار مستمر دون غروب للشمس.
- الليل القطبي: هي فترة الشتاء التي تغيب فيها الشمس تمامًا لأسابيع أو شهور.
- الشفق القطبي: الأضواء السماوية الساحرة التي تزين سماء الليل القطبي المظلم.
تجربة الشفق القطبي في ظل غياب شمس منتصف الليل بالنرويج
على عكس الاعتقاد الشائع بأن النرويج تعيش ستة أشهر كاملة من النهار وستة من الليل، فإن الحقيقة أكثر تعقيدًا وتنوعًا، حيث تختلف مدة اليوم القطبي والليل القطبي بشكل كبير من منطقة إلى أخرى اعتمادًا على قربها من القطب الشمالي، فكلما اتجهنا شمالًا، طالت فترة النهار المستمر في الصيف والظلام الدامس في الشتاء، وهذه الفترات الزمنية توضح التباين الجغرافي داخل النرويج نفسها، لكن هذا الظلام الطويل ليس مرادفًا للكآبة؛ بل يتحول إلى مسرح لأحد أروع العروض الطبيعية على الإطلاق، وهو الشفق القطبي أو الأضواء الشمالية، ففي هذه الليالي الطويلة، تتراقص الألوان الخضراء والبنفسجية والوردية في السماء، محولة الظلام إلى لوحة فنية سماوية تجذب المصورين والسياح من جميع أنحاء العالم، الباحثين عن تجربة فريدة تجمع بين السكون المهيب للقطب الشمالي والجمال الساحر لأضواء السماء.
| المنطقة | فترة الليل القطبي التقريبية (الظلام المستمر) |
|---|---|
| ترومسو | من أواخر نوفمبر حتى منتصف يناير |
| سفالبارد | من أواخر أكتوبر حتى منتصف فبراير |
إن التفاعل بين العلم والطبيعة في أقصى شمال أوروبا يخلق تجربة حسية فريدة من نوعها، فهذه الأرض لا تقدم فقط مشاهد بصرية استثنائية بل تدعو زوارها إلى إعادة التفكير في مفهوم الزمن نفسه، وتظل ظاهرة شمس منتصف الليل في النرويج شهادة حية على عظمة الكون وجماله الذي لا ينضب.
