حين تتوقف عن إصدار الأوامر.. هكذا يبدأ المراهق في الاستماع إليك بإنصات.

طريقة التعامل مع المراهق الذي يتجاهل والديه قد تبدو كالسير في حقل ألغام عاطفي؛ حيث تحاول فتح حوار بسيط حول موعد العودة للمنزل أو ترتيب غرفته لتجد نفسك أمام جدار صامت من التجاهل واللامبالاة، فقد يرفع صوته أو يهرب إلى عالمه الخاص عبر سماعات الأذن، وهذا السلوك ليس مجرد تمرد عابر بل هو انعكاس لمرحلة نمو معقدة تتأرجح بين الرغبة في الاستقلال والحاجة للأمان.

لماذا تتطلب طريقة التعامل مع المراهق الذي يتجاهل والديه فهماً عميقاً لشخصيته؟

في قلب مرحلة المراهقة، تبدأ رحلة بناء الهوية المستقلة، ويصبح تحدي السلطة والتمرد جزءاً لا يتجزأ من هذه العملية المعقدة لاكتشاف الذات، فعندما يتجاهلك ابنك أو يرفض الحوار، فإنه لا يفعل ذلك من باب الكراهية؛ بل كوسيلة لا شعورية لمنح نفسه إحساساً بالقوة والسيطرة على الموقف، فهو يعي تماماً أنك لا تملك القدرة على إجباره جسدياً على الاستماع، لذا يستخدم التجاهل كسلاح لإثبات وجوده وتأكيد استقلاليته، ويؤكد خبراء التربية أن المراهق يصبح مراقباً بارعاً لردود أفعال والديه، فهو يعرف بدقة متناهية كيف يضغط على نقاط ضعفك، وهذا التجاهل المتعمد يمنحه شعوراً داخلياً عميقاً بأنه ما زال يمسك بزمام الموقف، حتى لو كان القرار النهائي ليس بيده، مما يجعل فهم هذه الديناميكية النفسية الخطوة الأولى نحو إيجاد طريقة التعامل مع المراهق الذي يتجاهل والديه بفعالية.

اقرأ أيضًا: قرار جديد يهم الطلاب.. تفاصيل تغيير مواد وتوزيع درجات الثانوية العامة 2026

تجنب صراع السيطرة: حجر الزاوية في طريقة التعامل مع المراهق الذي يتجاهل والديه

إن أكبر خطأ يمكن أن يقع فيه الآباء هو الانجرار إلى معركة مباشرة حول من يملك السلطة أو من صوته هو الأعلى، فكلما زاد إصرارك على إجباره على الاستماع في لحظة غضبه وتمرده، زادت مقاومته وتعمق في تجاهلك، لأنه في هذه اللحظة، هو لا يتجاهل طلبك فحسب؛ بل يختبر حدود صبرك وقدرتك على التحكم في انفعالاتك، وإذا فقدت أعصابك وبدأت بالصراخ أو الدخول في جدال حاد حول أسلوبه، فإنه يشعر بنشوة الانتصار لأنه نجح في تحويل القضية الأساسية، مثل ترتيب الغرفة، إلى معركة جانبية حول الاحترام والسلطة، وهنا يكمن الذكاء التربوي في تجنب هذا الفخ تماماً، لأن الصراخ والجدال يحولان الموقف من نقاش تربوي هادف إلى صراع قوة عقيم، والمراهق بطبيعته لن يتنازل أبداً في معركة يشعر فيها أنه يملك اليد العليا، مما يعقد أي طريقة للتعامل مع المراهق الذي يتجاهل والديه.

رد الفعل غير الفعال (صراع السيطرة)رد الفعل الفعال (الهدوء ووضع العواقب)
“يجب أن تستمع لي الآن! أنا والدك!”“سأتحدث معك عندما تكون مستعدًا للاستماع.”
الصراخ وتكرار نفس الطلب مراراً وتكراراً.تحديد العواقب بهدوء، مثل “الهاتف سيكون متاحًا بعد الانتهاء من الواجبات.”

خطوات عملية لتطبيق أفضل طريقة للتعامل مع المراهق الذي يتجاهل والديه

عندما يغلق ابنك المراهق أبواب التواصل ويتعمد تجاهلك، فإن الرد الأكثر حكمة هو التصرف بهدوء وثقة وكأنه يستمع لكل كلمة، فالمفتاح ليس في إجباره على النظر إليك، بل في إيصال رسالتك بوضوح وحزم دون انفعال، تحدث بنبرة هادئة وثابتة، ولا ترفع صوتك أو تكرر كلامك بشكل ينم عن يأسك، فالهدف هو تحويل الموقف من مواجهة شخصية إلى قاعدة واضحة لها عواقب طبيعية، فبدلاً من الجدال حول ضرورة ترتيب غرفته، يمكنك قول جملة بسيطة ومباشرة مثل: “لكي تستخدم الإنترنت غداً، يجب أن تكون غرفتك منظمة قبل النوم”، وبهذه الطريقة، أنت ترسل له رسالة قوية مفادها أن الأمر ليس تحدياً شخصياً بينك وبينه، بل هو نظام قائم على المسؤولية والنتائج، وهذه هي أنجح طريقة للتعامل مع المراهق الذي يتجاهل والديه لأنها تمنحه الخيار وتحمله مسؤولية قراراته.

اقرأ أيضًا: بشرى لسيدات الشرقية.. تفاصيل أولى حملات الكشف المبكر عن سرطان الثدي

لتحقيق ذلك بفعالية، يمكنك اتباع عدة استراتيجيات:

  • الوضوح والثبات: حدد القواعد والعواقب بوضوح تام، وتجنب التهديدات الفارغة التي لا تنوي تنفيذها.
  • ربط الامتيازات بالمسؤوليات: اجعل حصوله على ما يريد (مثل وقته على الشاشة أو الخروج مع أصدقائه) مرتبطاً بشكل مباشر بتأديته لواجباته.
  • اختيار التوقيت المناسب: تجنب فتح النقاشات الهامة عندما يكون متعباً أو غاضباً؛ ابحث عن لحظات الهدوء للتواصل.
  • التركيز على السلوك وليس الشخص: انتقد سلوك التجاهل نفسه بدلاً من توجيه اللوم لشخصه، كأن تقول “هذا التجاهل يجعل التواصل صعباً” بدلاً من “أنت شخص لا يحترم الآخرين”.

إن التحلي بالصبر وتطبيق هذه الاستراتيجيات بذكاء يضعك في موقع قوة هادئة، ويجبر المراهق على التفكير في عواقب أفعاله بدلاً من الانخراط في معارك كلامية لا طائل منها، وبهذا يتحول التركيز من “من سيربح الجدال؟” إلى “ماذا يجب أن أفعل لأحصل على ما أريد؟”، وهذا التغيير البسيط في الديناميكية هو جوهر طريقة التعامل مع المراهق الذي يتجاهل والديه بنجاح.

اقرأ أيضًا: توتر جديد.. مصطفى بكري يحذر من تداعيات إعادة العقوبات الأوروبية على إيران ومخاوف تصعيد محتمل