الشعور بالبرد المستمر.. متى يصبح علامة على مشكلة في الغدة الدرقية أو فقر الدم؟

أسباب الشعور بالبرد المستمر قد لا تقتصر فقط على برودة الطقس أو الإصابة بنزلات البرد العابرة؛ بل قد تكون مؤشراً على وجود حالات صحية كامنة تحتاج إلى انتباه، فإذا كنت تشعر بأنك أكثر حساسية للبرد من الآخرين من حولك، فقد يكون جسمك يحاول إرسال إشارة حول مشكلة ما مثل ضعف الدورة الدموية، أو قصور الغدة الدرقية، أو حتى فقر الدم.

الشعور بالبرد بشكل دائم يمكن أن يكون له جذور في عاداتك اليومية البسيطة أو قد يكون علامة على حالة مرضية تتطلب تقييماً طبياً؛ حيث إن تجاهل هذه الإشارات قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة الأساسية، فمن المهم فهم أن الإحساس بالبرودة هو آلية دفاعية للجسم، ولكن استمراره بشكل غير طبيعي يستدعي البحث في الأسباب المحتملة، فقد يكون ناتجاً عن الجفاف أو عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، وهما عاملان يؤثران بشكل مباشر على قدرة الجسم على تنظيم حرارته الداخلية، وبالتالي فإن فهم هذه العوامل هو الخطوة الأولى نحو التعامل مع أسباب الشعور بالبرد المستمر وإيجاد الحلول المناسبة لها لاستعادة توازن حرارة الجسم والشعور بالراحة والدفء.

حالات طبية تفسر أسباب الشعور بالبرد المستمر

يعد فقر الدم الناجم عن نقص الحديد أحد أكثر الأسباب شيوعاً وتفسيراً للشعور الدائم بالبرودة؛ فالحديد عنصر حيوي يساعد خلايا الدم الحمراء في نقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، وهذا الأكسجين ضروري لعمليات الأيض وإنتاج الطاقة والحرارة، وعندما تنخفض مستويات الحديد، تتأثر هذه العملية بشكل كبير مما يجعلك تشعر بالبرودة بسهولة، كما أن نقص الحديد قد يؤدي إلى تباطؤ وظيفة الغدة الدرقية، مما يساهم بشكل إضافي في الشعور بالبرد، ومن ناحية أخرى، تلعب اضطرابات سكر الدم دوراً مهماً ضمن أسباب الشعور بالبرد المستمر، خاصة لدى مرضى السكري، حيث يمكن أن يسبب ارتفاع سكر الدم غير المعالج حالة تُعرف باسم اعتلال الأعصاب الطرفية، وهي تلف في أعصاب اليدين والقدمين، وهذه الأعصاب هي المسؤولة عن إرسال إشارات الإحساس بالحرارة إلى الدماغ، وعندما تتلف، قد تشعر الأطراف بالبرودة والتنميل حتى لو لم تكن باردة بالفعل، كما أن نوبات انخفاض سكر الدم قد تسبب الشعور بالبرد والارتعاش.

كيف تؤثر عاداتك اليومية على الشعور المستمر بالبرد؟

قد تكون بعض العادات اليومية التي نمارسها دون انتباه هي المحرك الرئيسي وراء الإحساس الدائم بالبرودة، فالجفاف مثلاً هو أحد العوامل الرئيسية التي يتم التغاضي عنها ضمن قائمة أسباب الشعور بالبرد المستمر، فالماء يشكل أكثر من ثلثي وزن الجسم ويلعب دوراً حاسماً في تنظيم درجة حرارته، وحينما يكون الجسم رطباً بشكل كافٍ، يعمل الماء على احتجاز الحرارة وإطلاقها ببطء، مما يحافظ على استقرار درجة حرارة الجسم الداخلية، ولكن مع نقص السوائل، يصبح الجسم أكثر حساسية للتغيرات في درجات الحرارة الخارجية ويجد صعوبة في الحفاظ على دفئه، وتشمل أعراض الجفاف ما يلي:

• الارتباك والدوخة.
• جفاف الفم والجلد.
• غمقان لون البول.
• الشعور بالتعب العام.

وبالمثل، يؤثر الحرمان من النوم بشكل كبير على قدرة الجسم على تنظيم حرارته؛ فقلة النوم تسبب خللاً في الجهاز العصبي المركزي والأنظمة الهرمونية المسؤولة عن تنظيم درجة حرارة الجسم، كما أظهرت الدراسات أن عدم الحصول على قسط كافٍ من الراحة يمكن أن يؤثر سلباً على معدل الأيض، وعندما يتباطأ الأيض، ينتج الجسم حرارة أقل، مما يجعلك تشعر بالبرد باستمرار، وهذا يوضح أن أسباب الشعور بالبرد المستمر ليست دائماً مرضية.

علاقة اضطرابات الأكل بأسباب الشعور بالبرد المستمر

تعتبر اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية العصبي، سبباً قوياً للشعور بالبرودة الدائمة، فهذا الاضطراب لا يؤثر فقط على الصحة النفسية بل يمتد تأثيره ليشمل وظائف الجسم الحيوية، والمصابون بفقدان الشهية العصبي يعانون من خوف شديد من زيادة الوزن، مما يدفعهم إلى اتباع سلوكيات متطرفة مثل الحميات الغذائية القاسية جداً أو ممارسة الرياضة بشكل مفرط، وهذه السلوكيات تؤدي حتماً إلى فقدان كبير في الوزن، والأهم من ذلك، فقدان كتلة الدهون والعضلات التي تعمل كعازل طبيعي للجسم وتساعد في إنتاج الحرارة، ونتيجة لذلك، يصبح الجسم أكثر حساسية لدرجات الحرارة الباردة، ويُضاف هذا العامل إلى قائمة أسباب الشعور بالبرد المستمر التي تتطلب وعياً وتدخلاً علاجياً متخصصاً.

إلى جانب الحساسية المفرطة للبرد، يصاحب فقدان الشهية العصبي مجموعة من الأعراض الأخرى التي تشمل الاكتئاب، وجفاف الفم والجلد مع ظهور بقع عليه واصفراره، وضعف الذاكرة والتركيز، مما يعكس التأثير الشامل لهذا الاضطراب على الصحة العامة، وهذا يؤكد أن أسباب الشعور بالبرد المستمر قد تكون معقدة وتتداخل فيها العوامل الجسدية والنفسية.