أدوية شائعة تتناولها يوميًا قد تكون السبب الخفي وراء تدهور ذاكرتك.

إن معرفة أن هناك أدوية تسبب فقدان الذاكرة على المدى البعيد قد يكون أمراً صادماً للكثيرين، خاصة وأن بعض هذه الأدوية تُستخدم لعلاج حالات شائعة؛ ولهذا السبب، يسلط تقرير طبي متخصص الضوء على مجموعة من العقاقير التي قد تحمل هذا الخطر الكامن، مؤكداً على أن استخدامها يتطلب دائماً إشرافاً ومتابعة طبية دقيقة لتجنب أي مضاعفات غير مرغوب فيها.

كيف تصبح مضادات التشنجات أدوية تسبب فقدان الذاكرة على المدى البعيد؟

تعمل الأدوية المضادة للتشنجات بشكل أساسي على تهدئة النشاط الكهربائي الزائد في الدماغ، وهو أمر ضروري للسيطرة على النوبات؛ ولكن هذا التأثير المهدئ قد يمتد ليؤثر على الوظائف الدماغية الطبيعية الأخرى، مما ينتج عنه صعوبة ملحوظة في تذكر المعلومات، وتشتت في الانتباه، وضعف في القدرة على التركيز، وعلى الرغم من أن هذه الأعراض قد تتلاشى تدريجياً مع اعتياد الجسم على الدواء، إلا أنها تظل مصدر قلق للمرضى والأطباء على حد سواء، وتتطلب مراقبة مستمرة لتوازن الفوائد العلاجية مع الآثار الجانبية المحتملة.

إن التأثير المباشر لهذه الفئة من الأدوية لا يقتصر فقط على الذاكرة طويلة الأمد؛ بل إن آثارها الجانبية المتمثلة في النعاس وصعوبة التركيز قد تعرقل بشكل كبير وظائف الذاكرة قصيرة المدى، حيث يصبح من الصعب على المريض استيعاب معلومات جديدة وتخزينها بكفاءة، مما يجعله يشعر بالارتباك المستمر؛ وتزداد حدة هذه المخاطر بشكل خاص عند استخدام جرعات عالية، أو عند الجمع بين عدة أنواع من مضادات التشنجات، مما يضعها ضمن قائمة أبرز أدوية تسبب فقدان الذاكرة على المدى البعيد والتي تستدعي حذراً شديداً عند وصفها.

• صعوبة في التركيز والانتباه.
• ضعف في الذاكرة قصيرة المدى.
• بطء في استيعاب المعلومات الجديدة.
• الشعور بالنعاس والإرهاق الذهني.

مضادات الاكتئاب وتأثيرها ضمن قائمة أدوية تسبب فقدان الذاكرة

تُعد مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات من الأدوية الفعالة في علاج بعض حالات الاكتئاب، لكن آلية عملها المعقدة قد تحمل تأثيرات جانبية على الوظائف الإدراكية؛ فهذه الأدوية تعمل على تغيير مستويات بعض النواقل العصبية الحيوية في الدماغ، مثل السيروتونين والنورأدرينالين، لتحسين الحالة المزاجية، لكنها في الوقت نفسه تمتلك خصائص مضادة لمادة الأستيل كولين، وهو ما يثير القلق بشأن تأثيرها على الذاكرة والتعلم لدى بعض المستخدمين.

إن التأثير المضاد للأستيل كولين هو السبب الرئيسي الذي يجعل هذه الفئة تصنف ضمن أدوية تسبب فقدان الذاكرة على المدى البعيد؛ فالأستيل كولين هو ناقل عصبي يلعب دوراً محورياً في عمليات التعلم وتكوين الذكريات الجديدة، وعندما يتم تثبيط عمله، قد يعاني المريض من ضعف في الذاكرة وضبابية في التفكير، وهذا التأثير الجانبي يتطلب تقييماً دقيقاً من الطبيب المعالج لموازنة الفائدة المرجوة من الدواء مقابل المخاطر المحتملة على القدرات المعرفية للمريض.

أدوية شائعة تسبب فقدان الذاكرة: من مضادات الحساسية إلى الحبوب المنومة

قد لا يتوقع الكثيرون أن تكون مضادات الهيستامين، التي تستخدم لعلاج الحساسية، مرتبطة بمشاكل الذاكرة؛ ولكن الأبحاث العلمية الحديثة تشير إلى وجود صلة بين استخدامها وزيادة خطر الإصابة بالخرف على المدى الطويل، واللافت في هذه الدراسات هو التمييز بين أجيال هذه الأدوية، حيث تبين أن مضادات الهيستامين من الجيل الأول، والتي تعبر الحاجز الدموي الدماغي بسهولة، تحمل خطراً أكبر بكثير مقارنة بالجيل الثاني الأحدث.

على نحو مماثل، أصبحت الحبوب المنومة تحت المجهر كواحدة من أبرز أدوية تسبب فقدان الذاكرة على المدى البعيد؛ فقد كشفت دراسة أجريت عام ٢٠٢٣ عن ارتباط استخدامها بزيادة خطر الإصابة بالخرف لدى فئات معينة من السكان، كما أوضحت دراسة أخرى في عام ٢٠٢١ أن هذه الحبوب يمكن أن تؤثر سلباً على ما يُعرف بالذاكرة الاستباقية، وهي قدرتنا على تذكر تنفيذ المهام المخطط لها في المستقبل، مثل تذكر موعد أو تناول دواء في وقت محدد.

إن فهم هذه المخاطر المحتملة لا يعني التوقف عن تناول الأدوية الضرورية، بل يؤكد على أهمية التواصل المفتوح مع الطبيب لمناقشة جميع الخيارات المتاحة، وتقييم الآثار الجانبية، وضمان استخدام آمن وفعال للعلاج، خاصة عند التعامل مع أدوية تسبب فقدان الذاكرة على المدى البعيد.